عَكست النتائج المالية لأداء الميزانية العامة للدولة للربع الثالث من العام المالي الجاري، نجاعة وحصافة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي انتهجتها الدولة، منذ انطلاقة رؤيتها الطموحة 2030 في شهر إبريل 2016. كما أنها تَوجت جهود الدولة وسعيها الحثيث لتنمية الإيرادات غير النفطية وبناء احتياطيات مالية قوية ومستويات آمنة من السيولة لتعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات الخارجية.
ورغم الانخفاض في إجمالي الإيرادات بالربع الثالث من هذا العام إلى حوالي 259 مليار ريال مقارنة 302 مليار ريال بالربع المماثل من العام الماضي نتيجة للانخفاض في حجم الإيرادات النفطية إلى 147 مليار ريال مُقارنة بـ229 مليار ريال بالربع الثالث من العام الماضي 2022، إلا إن الإيرادات غير النفطية سجّلت ارتفاعًا ملحوظاً في الربع الثالث من العام المالي الجاري 2023، حيثُ وصلت إلى 112 مليار ريال مقابل 73 مليار ريال في الربع الثالث العام المالي 2022، كما وارتفعت قيمة إجمالي الإيرادات غير النفطية بنسبة 22% مدفوعة بالتحسن بالأنشطة الاقتصادية.
وعلى جانب آخر، بلغت مصروفات الربع الثالث من العام المالي 2023 حوالي 294 مليار ريال بزيادة طفيفة مُقارنة بالربع الثالث من العام المالي 2022، حيثُ وصلت المصروفات إلى 288 مليار ريال، كما وبلغ إجمالي المصروفات حتى الربع الثالث من العام المالي الجاري 898 مليار ريال بزيادة قدرها 12% مقارنة بالعام السابق.
ومن بين أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع المصروفات، جهود الحكومة الحثيثة الرامية إلى دعم برامج الحماية الاجتماعية، كبرامج الضمان الاجتماعي وبرنامج حساب المواطن وهو ما انعكس على ارتفاع باب المنافع الاجتماعية بنسبة 27% حتى الربع الثالث من العام 2023 مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
كما واستمرت الدولة في الانفاق على الخدمات العامة والاساسية والتعليم والصحة وجميع المجالات التي لها ارتباط بحياة المواطن ورفاهه الاجتماعي، ونتيجة للتوسع في الانفاق العام الذي تزامن مع الانخفاض في الإيرادات النفطية والانفاق التوسعي الداعم لتنويع القاعدة الاقتصادية، سجّل الربع الثالث من العام المالي 2023 عجزًا مالياً بلغ حوالي 36 مليار ريال.
أخيراً وليس آخراً، أظهرت النتائج المالية تحقيق إجمالي إيرادات للتسعة أشهر من العام المالي الجاري مبلغ 854 مليار ريال أمام إجمالي مصاريف بلغت قيمتها 898 مليار ريال، وبعجز مالي بلغ حوالي 44 مليار ريال.
من المهم جداً الإشارة على أن الحكومة لا تزال تحتفظ بمستوى دين عام مقبول، حيث بلغ رصيد الدين بنهاية الربع الثالث من العام الجاري مبلغ 994 مليار ريال، ولعل الأهم من ذلك، بأن الجزء الأكبر من الدين والذي يبلغ حوالي 629 ما نسبته 63%، هو دين محلي، كما أن إجمالي قيمة الدين تمثل نسبة معقولة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 25%، والتي تُعد من بين أقل النسب بين مجموعة دول العشرين.
أخلص القول؛ أن النتائج المالية للربع الثالث من العام المالي الجاري 2023، جاءت لتؤكد على إصرار الدولة المضي قدماً في انتهاجها لسياسات الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تعزز من الإيرادات غير النفطية وتعزيز الاحتياطيات المالية للدولة لمواجهة أي تقلبات أو صدمات اقتصادية او مالية خارجية محتملة.
اختم مقالي بالإشادة بالتطور الملحوظ الذي طرأ على إعداد الميزانية العامة للدولة سواء على مستوى كامل العام أم على مستوى الأرباع، حيث يتم إعدادها على الأساس المحاسبي النقدي وتبويبها حسب دليل إحصاءات مالية الحكومة (GFSM 2014) الذي يصدره صندوق النقد الدولي كتصنيف عالمي موحد، مما يُمكن من المقارنات الدولية.




http://www.alriyadh.com/2042438]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]