ضمن مؤتمر الرياضات العالمية الجديدة في الرياض والذي شهد إعلان استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية، حضرت جلسة شارك فيها اللاعب العالمي كريستيانو رونالدو والذي كان يتحدث عن نقطة في غاية الأهمية ألا وهي التعافي..
يتحدث رونالدو أن الكثير يناقش أهمية التدريب وتقوية العضلات ورفع معدلات اللياقة، ولكن القليل جداً يتحدث عن أهمية التعافي. ويضيف أنه في بعض الأحيان وبعد مباراة شاقة يجد نفسه مشتت الذهن مرهق الجسد وهو بين عائلته وأبنائه، فلا يتردد أن يتركهم ويخلو بنفسه في جلسة تأمل لمدة نصف ساعة ليرجع بعدها إليهم بحالة أفضل، ويؤكد أنه كما يحرص دوماً على البحث عن أفضل أساليب التمرين فيسعى للتعلم ومعرفة أفضل طرق الراحة والتعافي والتي يراها أحد أسرار النجاح المهمة..
وفي عالم الإدارة والقيادة ينطبق هذا المبدأ بشكل مذهل، حيث تجد أن المديرين الذين يعملون بشكل متواصل دون أخذ وقت كافٍ من الراحة والاسترخاء تصبح تصرفاتهم أكثر حدة وسلوكياتهم مضطربة، والأدهى والأمر عندما يبدؤون بفرض هذا الأسلوب غير المتوازن في الحياة والذي يستهلك أعمارهم وأعمار موظفيهم في العمل فقط. وتكون النتيجة إنجازات وتحقيق مؤشرات جيدة على المدى القصير ولكن على المدى المتوسط والطويل يتأثر الأداء وتظهر المشكلات وتبدأ الكفاءات بالتسرب من المنظومة هرباً من المديرين السيئين..
وفي فترة من فترات حياتي المهنية قبل سنوات طويلة عملت مع هذه النوعية من المديرين في القطاع الخاص والتي كانت تفاجئك باتصالات ورسائل بعد منتصف الليل وتطالبني وزملائي بالرد فوراً وتنفيذ طلباته كمدير في أي وقت. وكما هو متوقع لم يعمر ذلك المدير طويلاً في منصبه وغادر فريقه إلى منظمات أخرى تحترم التوازن بين الحياة والعمل.
ومن المؤشرات الواضحة لهذه النوعية من المديرين هي الأوقات التي يبعثون فيها الإيميلات والرسائل والتي عادة ما تكون في أوقات متأخرة في الليل أو في الإجازات في مواضيع غير مستعجلة ويمكن أن تنتظر ولا تستدعي الإرسال في هكذا أوقات. وغالباً ما تحتوي تلك الإيميلات والرسائل على أخطاء في الصياغات والمعلومات وتكون غير متزنة.
وفي أغلب الأحيان يعود ذلك إلى قلة النوم والإرهاق المتراكم والضغوط النفسية المتزايدة التي تؤثر بشكل سلبي على تركيز الدماغ وقدرة الشخص على اتخاذ القرارات الصحيحة، وتجعل الإنسان أكثر عرضة للشعور بالاكتئاب والدخول في دوامة التفكير المفرط.
وختاماً، العمل المتواصل دون راحة أو إجازة ليس دليل كفاءة ولا ولاء ولا ذكاء، بل هو سلوك خطير ومدمر لأي منظمة ناجحة. والقائد الفذ يعزز ثقافة التوازن بين الحياة والعمل ويحرص على الاستمتاع بالإجازات والاسترخاء والتعافي لنفسه ولمرؤوسيه. ولا شك أنه ستكون هنالك حالات طارئة تستدعي العمل والتواصل في الإجازات والأوقات المتأخرة، لكن لا بأس بذلك طالما كانت ثقافة المنظومة وبيئة العمل عموماً تدعم وتشجع مسألة التوازن، لأنه لا معنى أبداً للنجاح المهني إذا كان الثمن هو صحة الموظف واستقراره النفسي والأسري..




http://www.alriyadh.com/2044029]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]