قررت حكومة المملكة المتحدة مؤخراً التوقف عن سن تشريعات للذكاء الاصطناعي واتباع نهج أقل شدة. عوضاً عن أي تشريع جديد، ستصدر الحكومة خمسة مبادئ إرشادية غير ملزمة مع إصدار إرشادات من مطوري التقنيات على مدى الاثني عشر شهراً المقبلة حول سبل تطبيقها.
قررت الحكومة مبادئ خمسة للذكاء الاصطناعي على الشركات الإفصاح عن منهجها في الالتزام بها. على الشركات أولاً أن تفصح عن سبل السلامة التي تتبعها في تصميم تطبيقاتها وتطويرها، بما يؤدي إلى الاستخدام الآمن والمسؤول. تدخل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات عديدة من أكثرها ارتباطاً بهذا المبدأ تطبيقات الصحة والنقل، وهي تطبيقات حرجة لها آثار مباشرة على سلامة المستخدمين.
على الشركات ثانياً، أن تفصح عن سبل تطبيق الشفافية وقابلية التفسير، في أغلب الأحيان، تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل الصندوق الأسود الذي لا يعرف ما بداخله، وقد عبر كثير من المتخصصين أن مطوري التطبيقات أنفسهم ليسوا بأحسن حال من غيرهم، فهم يجدون تحديات عدة في تفسير مخرجات النماذج التي صمموها أيضاً، كما لو كانت تعمل حرة دونما قيد.
على الشركات ثالثاً، أن تستحدث طرقاً للمساءلة عن التطوير والنشر والاستخدام، سيكون على الشركات إيجاد عمليات مؤسسية داخلية للمراجعة والمراقبة، كما عليها التزاماً بالمبدأ الثاني أن تفتح الباب للمساءلة من خارج الشركة، تعمل المساءلة والشفافية معاً، فعلى الشركات أن تستقبل المساءلات وعليها أن تجيب عنها بوضوح وتجرد.
مع مبدأ الشفافية والمساءلة، على الشركات أن تلتزم بالإنصاف وعدم التمييز. لطالما واجهت الشركات انتقادات كثيرة أن تطبيقاتها غير منصفة وتميز تمييزاً عنصرياً أحياناً. وفي حالات كثيرة، وجدت الشركات أن التميز الذي وقع فيه التطبيق ليس إلا انعكاساً لممارسات الشركة التي تتسم بالتمييز أصلاً، وليست نتيجة أخطاء برمجية.
المبدأ الخامس والأخير، هو المبدأ الذي يمس أكثر الناس وهو مبدأ الخصوصية. ففي تقارير عديدة، وجهت التهم إلى الشركات أنها تستفيد من بيانات مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دون إذن منهم. يمثل المبدأ الخامس تحدياً كبيراً للشركات التي عليها أن تراجع بياناتها الضخمة لاستبعادها وإعادة هندسة إجراءاتها لتجنب الوقوع في حالات جديدة من انتهاك الخصوصية.
توجه حكومة المملكة المتحدة في ظاهره ناعم لكنه يضغط على الشركات بالعودة إلى الحكومة بوسائل جديدة وربما مبتكرة لمعالجة المشكلات التي تواجه الذكاء الاصطناعي. وربما كانت المبادئ والمتطلبات التي تلحقها أشد تأثيراً من المنهج التشريعي التقليدي. ففي هذا المنهج يقع العبء على الشركات أن تأتي بالحلول دون ضغط مفرط من الحكومة التي تمد يدها لإتاحة المجال للتشريع التشاركي. يستجيب هذا المنهج لمشكلة فهم التقنية التي يشتكي منها المشرعون، حيث على المشرعين الآن فهم صياغة التشريعات المناسبة من خلال ما تعود به الشركات من وسائل لتطبيق المبادئ.




http://www.alriyadh.com/2044186]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]