على مر العقود الماضية، لطالما كان العقار السعودي محل اهتمام القيادة الرشيدة والمستثمرين على حد سواء، ليس لسبب سوى أن القطاع كان - ومازال- أحد أكبر الأوعية الاستثمارية الآمنة للمستثمر الصغير أو الشركات الكبرى، تضخ فيه أموالها، وتترقب منه الأرباح الوفيرة والمضمونة، يضاف إلى ذلك أن العقار جزء أساسي، لا غنى عنه في كل المشاريع والأنشطة الاستثمارية الأخرى؛ صحية كانت أم تعليمية أم رياضية أم تجارية أو غيرها.
وإذا كان الاهتمام الرسمي بالقطاع ينمو ويزداد عاماً بعد آخر، إلا أنه بلغ ذروته تحت مظلة رؤية 2030، التي وعدت في صيف 2016، بحل أزمة السكن في المملكة، وتأمين مسكن لكل مواطن ومواطنة، وهو ما أثمر عنه فسح المجال أمام عشرات شركات العقار لإنجاز مشاريع السكن، وقبل ساعات من الآن، تلقى القطاع دعماً استثنائياً بل وتاريخياً، عندما أعلن صندوق الاستثمارات العامة ممثلاً بشركاته التابعة، عن استثمار نحو 4 تريليونات ريال في مشاريع عقارية داخل المملكة خلال السنوات العشر المقبلة.
ضخامة المبلغ، وتنوع مساراته بين مشاريع تجارية وسكنية وإدارية، يكشفان بجلاء، عن حجم الطموحات التي ترغب الرؤية في تحقيقها من وراء القطاع، وفي مقدمتها، أن يكون «العقار» إحدى الأوراق الرابحة القادرة على تنوع مصادر الدخل القومي، وتوفير الوظائف الشاغرة لأبناء الوطن، وهو ما رأيناه يتحقق، من خلال مشاريع القطاع النوعية التي أنجزت حتى الآن، أو المشاريع التي يخطط صندوق الاستثمارات لتنفيذها قريباً.
ولعل المتأمل في تفاصيل وأهداف شركة «داون تاون» التابعة للصندوق، وأطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي، يدرك نوعية الخطط والبرامج المعدة للنهوض بـ»العقار»، والانتقال به من مجرد قطاع تقليدي، إلى قطاع تنموي حديث، يحاكي تطلعات الرؤية، ويؤكد ذلك حرص الشركة على إنشاء وتطوير مراكز حضرية ووجهات متعددة في 12 مدينة سعودية، من أجل تحقيق مكون محلي بنسبة 60% في المشروعات العقارية في المملكة بداية من 2025.
المشهد المزدهر للقطاع، لم يقتصر على «داون تاون»، وإنما يمتد أيضاً إلى شركة «روشن» للتطوير العقاري، المملوكة لصندوق الاستثمارات، والتي استطاعت جمع 10 مليارات ريال، وضخها في عدد كبير من المشاريع في جميع أنحاء المملكة، من بينها بناء نحو 400 ألف منزل، إلى جانب نحو 1000 مدرسة، ومناطق تجارية وترفيهية بالكامل.
أقول بعبارات واضحة وجلية، إن مستقبل قطاع العقار السعودي مبشر بكل الخير، بعدما دخلته ـ بشهية مفتوحة ـ شركات صندوق الاستثمارات العامة، الذي يدرس الفرص الاستثمارية جيداً، ولا يضخ فيها أمواله فيها، إلا بعد أن يتأكد من الجدوى منها، ولا أرى أن هناك جدوى أكبر قيمة من قطاع العقار، الذي يعطي من يهتم به، ويزداد العطاء، عندما تأتي الأفكار العقارية من خارج الصندوق، بعيداً من التقليد والمحاكاة، ويقيني أن القطاع سيحقق كل ما يسعى إليه ويطمح فيه، بأن تكون للمملكة نهضة عمرانية استثنائية، تتماشى مع النهضة الاقتصادية، والنهضة العلمية، والنهضة الصحية وغيرها من إنجازات الرؤية الطموحة.




http://www.alriyadh.com/2045864]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]