شاركت في مؤتمر الإعلام الخامس الذي عقد في منطقة نانشا التابعة لمدينة قوانغتشو عاصمة المقاطعة الجنوبية لغوانغدونغ. والمؤتمر، أو القمة العالمية للإعلام، هي قمة انطلقت بمبادرة من وكالة شينخوا الصينية للأنباء عام 2009، وذلك بالاشتراك مع مؤسسات إعلامية أخرى مثل وكالة الأنباء الروسية إيتار تاس، وأسوشيتد برس، ورويترز، وبي بي سي، وكيدو وغيرها. وتهدف هذه القمة والقمم التي عقدت قبلها إلى بناء نظام إعلامي عالمي جديد أو هذا ما تتوخاه الصين.
ولكن منذ عام 2009 وحتى الآن جرت مياه كثيرة، الأمر الذي يجعل تحقيق ما تصبوا إليه شينخوا في غاية الصعوبة، وفي الحقيقة وأنا استمع إلى مداخلات الوفود تذكرت لا إرادياً محاضرة للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ التي ألقاها في فندق الريتز بالرياض عام 2013، إذا لم تخنِّ الذاكرة. وقتها أشار معاليه إلى دور الإعلام في قلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق. ولكن حديث في ذلك الوقت المبكر لم يكن مفهوماً للجميع. أما الآن فهو على لسان كافة الوفود التي جاءت إلى هذه القمة.
إن عدم مصداقية العديد من وسائل الإعلام وتزييفها الأخبار، واستخدام التقنيات الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي من أجل قلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق، قد طفت الآن على السطح، وأصبح الكثيرون يدركوا ما قاله سماحة الشيخ صالح قبل 10 أعوام خاصة بعد أحداث غزة، التي لم يهتز لوسائل الإعلام التي تباكت على ما يحدث في أوكرانيا، أي ساكن وهي ترى قتل آلاف الأطفال الأبرياء الفلسطينيين، ودفن النساء وكبار السن بدم بارد في أحياء غزة.
إن هذا التطور السلبي الذي يشهده قطاع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية، ليس مصادفة، وإنما يعكس المرحلة الانتقالية التي يمر بها النظام العالمي. وانقسامه -كما قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي المنتهية ولايته مارك ميلي- إلى 3 أقطاب رئيسة هي: الولايات المتحدة والصين وروسيا. ولذا، فإن وسائل الإعلام العالمية لا يمكنها إلا أن تكون هي الأخرى منقسمة بين هذه الأقطاب الثلاثة. فالنظام العالمي، الذي كان، وإلى الأمس القريب، وحيد القطب، لا يزال يروج إلى وحدانيته بكل ما أوتي من قوة، وهي قوة لا يستهان بها. ولذلك يتم إغراق وسائل الإعلام بكل ما من شأنه تشويه سمعة الأقطاب الأخرى المنافسة.
من جهتها فإن وسائل الإعلام الصينية وعلى رأسها شينخوا تبذل كل ما تستطيع، ومن ضمن ذلك هذه القمة، لإيصال المعلومات التي تتحدث عن الصين وإنجازاتها من ناحية، وتدحض الاختلاقات والتزييف التي يتعرض لها بلدهم من ناحية أخرى. فالصين من خلال هذه القمة وغيرها تحاول أن تبني حزاماً ثانياً وثالثاً من الدول المؤيدة لها.
وأعتقد أنه يمكن القول: من خلال الكلمات التي سمعتها خلال المؤتمر من قبل ممثلي العديد من وسائل ووكالات الأنباء العالمية، إن الصين قد نجحت في إمالة كفة الميزان لصالحها بعض الشيء.




http://www.alriyadh.com/2047596]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]