بات من المسلمات اليوم أن يبحث الناس عن المغامرة وأن يقتنصوا مصادر "الدوبامين" مع تصاعد وتيرة العمل وزخم المهام؛ وتواترت الأبحاث والدراسات التي أثبتت أن صحة الدماغ مرتبطة بنمط الحياة النشط، بل حتى مفاهيم الذكاء الاجتماعي لا يمكن تصورها خارج نطاق سيناريوهات اللعب والمنافسة. وأن من أبجديات اللعب التي يكتسبها الإنسان منذ لحظة ميلاده أن هناك قوانين للعبة وهناك خسارة وفوز ومن هنا تخلق المرونة النفسية والجسمانية وتصقل مواهب الفرد ويهذب سلوكه. فكيف إذا كانت مدينة كاملة للعب؟ هكذا نستطيع فهم سياق القدية ليس كمدينة فقط ومشروع وطني، بل كعلامة تجارية ستكون لها مدنها وبصماتها حول العالم، هذا وأكثر بالتزامن مع إطلاق سمو سيدي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- المخطط الحضري لمدينة القدية والعلامة التجارية لها، وأوضح سموه أنها ستصبح الأبرز على مستوى العالم في مجال الترفيه والرياضة والثقافة، وأنها أحد مرتكزات "رؤية 2030".
إن صناعة السعادة وريادة الترفيه باتت بلا شك –صناعة سعودية– وبخلاف ترديد الاقتصاديين والمهتمين للأرقام الفلكية –المهمة– لما ستعود به هذه المشاريع الضخمة، أجد أن "القدية" فلسفة ومفاهيم تسابق الزمن بل تكسر تابو اللعب للكبار وربط هذه الممارسة للأطفال، خاصة أن مجتمعنا بكل صراحة لا يزال يمارس الكثير من الأنشطة البدنية والترفيهية على خجل بل الكثير لا يتمكنون من إكمال اشتراكاتهم في الأندية الرياضية، سواء لضخم حجم الالتزامات الاجتماعية أو حتى للسلوك المتذبذب في ترفيه الذات، ولعلني أسرد أبرز أهم نقاط أجمع عليها عدد من الدارسين لفوائد اللعب للكبار: كالتخلص من التوتر، المرونة النفسية، عيش اللحظة والاستغراق بها، التوقف عن التفكير المفرط، تحسين وظائف الدماغ، بناء علاقات اجتماعية صحية وأخيرا أنه ممتع!.
قد يظن البعض أن المدينة ذات طابع ترفيهي فقط لكن عند النظر في المشروع ستجد أنها خلطة ثقافية ورياضية وتجربة حياتية مختلفة، حيث ستشمل أكثر من أربعين معلما ثقافيا وألفي عمل فني، بجانب ثلاثة وأربعين مرفقا رياضيا واستاد لكرة القدم لكل من نادي الهلال ونادي النصر بمعايير عالمية ومن المتوقع أن يصل عدد الزوار من محبي كرة القدم مليون و800 ألف. ومن حسن حظنا في مدينة الرياض أن المسافة لهذه المساحة الممتعة أقل من ساعة. ويحتاج المتنقلون فيها والقاطنون لوقت أقل مع عدد وظائف متوقع يتجاوز الربع مليون وظيفة، وكل ما سبق هو مجرد نقاط مختصرة من معان وأبعاد ثقافية لا يمكن حصرها.
نعم إن هذه التحولات تدفعنا للعمل أكثر واللعب أكثر، بل لعلها فرصة لهواة النشاط وممارسيه أن يخططوا لأنشطتهم المستهدفة في مدينتهم القادمة، ومهم أيضا أن يتزامن مع هذا الإطلاق تسابق من الباحثين والدارسين لرصد التحولات النفسية والاجتماعية، والتركيز على اللعب كمفهوم حياة وعلاج للكثير من المشكلات السلوكية ليس للصغار بل لجميع الأعمار. فالانغماس المستمر في الجدية يفقد الإنسان قدرته على التمييز بين وقت النفس ووقت العمل جميعنا نحتاج لهذا التذكير ودمتم بصحة وسعادة.
http://www.alriyadh.com/2048480]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]