سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ينظر إليه باعتباره القانوني الأول في المملكة، فهو خريج قانون من الأساس، ولعل هذا يفسر اهتمـــامه بتحديث القضـــاء وتطويره، وفق أحكــام الكتاب الكريم وصحيح السنة والأنظمة المستجدة، وبما لا يتعارض مع المواثيق والمعاهدات التي التزمت بها الدولة..
في هذا اليوم الأحد 24 ديسمير 2023 سأحصل على أول حقوقي المعطلة، والتي استمر حبسها لأكثر من ثمانية أعوام، وذلك بقوة القانون والعدالة الناجزة، ويعود السابق إلى منظومة التشريعات الجديدة التي أقرتها القيادة السعودية، وتحديداً أنظمة الأحوال الشخصية والإثبات والمعاملات المدنية، بانتظار صدور نظام العقوبات، وكلها تنظم العقد العدلي لاستيفاء الحقوق بأشكالهــــا المختلفة، وترتبط بجهود وزارة العدل وما حققته من إنجــــازات كبيرة، فقد حصلت على المركز الســـــادس عشر عالمياً في مؤشر استقلال القضاء، استنـــــاداً لتقرير التنافسية الدولية الصادر عن منتدى دافوس، وعلى جائزة الأمم المتحدة للتميز الرقمي في مشـــــــروع حكومة بلا ورق، وعلى شهــادتي آيزو عالميتين في خدمة تقنية المعلومات وأمنها، وعلى جائزة حكومة الشارقة للاتصـــال الحكومي، وكانت في فئة أفضل اتصال حكومي على مستوى الدول العربية، وتمثل بوابة ناجز المدخل الرئيس لكل خدماتها العدلية الرقمية منذ 2017.
بالإضافة إلى مجالات لا تنافس فيها المملكة إلا نفسها، كتجربة محاكم التنفيذ، والتي يقدر حجم عملياتها منذ إنشائها بنحو 534 مليون دولار، وفيها تحصيل عاجل لحقوق الدائنين، ومشـــــروع نمذجة الدعاوى، الذي يعطي للقاضي تنبؤاً دقيقاً بالأحكام، وبنسبة تصل إلى 100% في نوعية معينة من القضايا باستخدام قاعدة بيانات عدلية ضخمة تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي ولغة الآلة، وغرف النقل المرئي الموجودة في 97 سجن موزعة على مناطق المملكة، وبما يمكن السجين من حضور المحاكمة في سجنه، إن أراد، و19 مركزاً أسست بالشراكة مع القطاع غير الربحي، تعرف باسم (شمل) وتنتشر في عشر مناطق، والمراكز حلت محل الشرط والمحاكم في ما يتعلق بأحكام الرؤية والحضانة، عند حدوث نزاع أو عدم توافق بين الوالدين، ومعهم البورصة العقارية والإفراغ العقاري الإلكتروني، والبورصة باعت في أول أسبوع من قيــامها قرابة 61 مليون متر مربع من العقارات المحلية، وبإجمالي 17 ألف صفقة، قيمتها تزيد على أربعة مليارات وخمسمائة وثلاثين مليون دولار، وتعتبر المملكة وبشهادة البنك الدولي، أول دولة تقدم هذه الخدمة على مستوى العالم.
وزارة العدل تعمل على 38 مبادرة، تقوم بمراقبة 120 مؤشراً تشغيلياً، وتشمل مساراتها قضاء الموضوع والتوثيق وقضاء التنفيذ والمصالحة، من خلال 150 خدمة تقدم بالمشاركة مع 63 جهازاً حكومياً، وكلها أصبحت تنفذ من خلال منصات إلكترونية وعن بعد، تحت مظلة المنصة الأم ناجز، وهناك مركز العمليات العدلي، وهو يقوم برصد كل ما يتم في كتابات العدل والمحاكم، كالإجراءات الكتابية المرقمنة، أو الجلسات الموثقة بالصوت والصورة، أو مواعيد الحضور والانصراف، ونوعية المعاملات والقضايا، ومدة إنجازها، ويراقب ما يحدث، ويخطر الجهات المختصة في الوزارة بتقارير الإنجاز وبالمقصرين لمحاسبتهم.
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ينظر إليه باعتباره القانوني الأول في المملكة، فهو خريج قانون من الأساس، ولعل هذا يفسر اهتمـــامه بتحديث القضـــاء وتطويره، وفق أحكــام الكتاب الكريم وصحيح السنة والأنظمة المستجدة، وبما لا يتعارض مع المواثيق والمعاهدات التي التزمت بها الدولة، وقد قال سموه في فبراير 2021 إن الأنظمة العدلية الأربعة، جاءت لعدم استجابة مشروع مدونة الأحكام القضائية لاحتياجات الناس وتطلعاتهم، ولتكريس مبـــــادئ العــــــدالة والشفافية والنزاهة وحقوق الإنسان، بجانب توحيد الأحكام وإمكانية توقعها، ورفع كفاءة الأجهزة العدليــــة، وزيادة الثقة في إجراءاتها، وفي آليات الرقابة عليها، وبما يحقق التنمية الشاملة ويدعم الاقتصاد الوطني، ويعزز من تنافسية المملكة عالمياً، وما قاله سمو ولي العهد أصبح واقعاً مشاهداً لكل أحد.
في المقابل، أتصور أن وزارة العدل تعرف أكثر من غيرها، بأن بعض المحـــاكم في المملكة ما زالت تعمل بالطريقة القديمة، وتؤجل قضايا شبه منتهية لا تقبـــــل التأجيل، ولمدد طويلة، وتمارس ما يشبه قانون الغاب، الذي نحته الأديب الإنجليزي روديارد كبلينغ كعنوان لإصداره في القرن التاسع عشر الميلادي، ولن أدخل في النوايا لأني لا أعرفها، ولكن ما دام نظر الدعوى والمرافعــــــة فيها يقـام إلكترونياً ومن باب معالجــــة ازدحام المحاكم بالقضايا، وبالأخص في المدن الرئيسة، فالأنسب أن يكون تحديد الاختصاص المكاني أكثر مرونة، ويرتبط بالمدعي أو بمكان العين محل الدعوى، وليس بمقـر إقامة المدعى عليه، وخصوصاً في المدن غير المكتظة، أو أن تحال الدعاوى إلى محاكم غير مزدحمة، وبما يسرع إجراءات التقاضي ومدتها.
لأن أطراف الدعــوى ستحضر إلكترونيــاً، في كل الأحوال، ولو كانت في جـــــزر الواق واق، فالجغرافيا غير مهمة، مع ملاحظة أن أعمــار القضاة السعوديين، في غالبيتها، صغيــــرة، ومن بينهم من تنقصه الخبرة، ما يجعل فكرة السلم القضائي المعمول بها في بعض الدول مجدية نسبياً، وتكون بعمل القضاة المحتملين في النيابة العامــــة، ومن ثم كقضاة يميـــــن ويسار، وينتهي بهم الحال كـرؤساء جلسات ودوائر في المحاكم بدرجاتها، وأجد أنه تدرج معقول، يكسب القاضي نضجاً ومعرفة يحتاجها، قبل أن يستقل بحكمه.
http://www.alriyadh.com/2050164]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]