لا أستطيع حصر عدد المقالات التي تناولت مشكلة يومية باتت تعطل مصالح الناس وترهق كاهلهم وتستنزف وقتهم في الرد على مناديب التوصيل، في حين أن التسوق الإلكتروني أصبح خيارا رئيسا للكثير من الناس لا تزال شركات التوصيل بعيدة تماما عن المشهد سواء في ضعف تدريب موظفيها أو حتى في آليات معالجة الشكاوى، بل تصر بعض التطبيقات الخاصة بالأطعمة بتحجيم العملاء وحجب أرقام الاتصالات وإخضاعهم للردود الآلية بطريقة مستفزة، وأتعجب ماذا لو كان صاحب الطلب رجلا طاعنا في السن أو امرأة كفيفة؟ بجانب حرق الاتصالات من قبل المناديب في حال وجود طلبية والتعامل السوقي وتسرب معلومات العميل وصورة باب منزله وموقعه وكأنه مغلوب على أمره.
"عقوبة عدم الالتزام بالعنوان الوطني تصل إلى 5000 ريال في حال امتنع السائق أو الشركة عن استخدام العنوان الوطني، وطلب الموقع من العميل"، هكذا صرح متحدث هيئة النقل في 27 ديسمبر 2023، والحقيقة أن الكثيرين تعجبوا من هذا الخبر الذي يبدو أنه لم يصل لشركات الشحن والتطبيقات الأخرى بعد؛ بل قال: "الأمر مسألة وعي، عندما يستخدم المستفيد النهائي العنوان الوطني والسائقين يعرفون استخدامه بذلك يساهمون بتسريع عملية الشحنات"، وأنا هنا مع كل احترامي لا أتفق على الإطلاق مع ما تفضل به المتحدث لأنني أقوم بذلك بالفعل ولا أزال استقطع من يومي وجهدي للرد على المندوب الغاضب! فهيئة النقل هنا كأنها تخفّف المسؤولية عن الشركات وتضع المواطن المغلوب على أمره في وجه المدفع.
بكل حال أتمنى أن يكون هذا الأمر صحيحا؛ وسأبدأ بالفعل برفع الشكاوى؛ بل أضحكني أحد الردود الذي تناول الخبر بأنه لو تم بالفعل سيتجاوز مبلغ المخالفات مليونا وأكثر لكل فرد.. نحن شعب واعٍ ومجتمع تقني، المواطن السعودي لديه حس أمني عالٍ؛ بل لا يستحسن مشاركة بياناته بشكل عشوائي، وكان من الأفضل أن تلام الشركات وأن يكون هناك حزم أكثر في المخالفات تجاههم لأننا بكل بساطة مللنا من هذه المشكلة، وعودوا لأرشيف الصحف والمنصات الاجتماعية ستجدون الكثير من الشكاوى من إزعاج المناديب وسلوكيات بعضهم.
أخيرا؛ فإن هذا الوطن لا يليق به إلا الريادة، وريادة التجارة لا تتحقق إلا بمنظومة متكاملة تبدأ من الأصغر للأكبر، أتصور حال الأجانب وغير الناطقين باللغة العربية وكيف تكون معاناتهم مضاعفة مع هؤلاء. وبدلا من أن نشكو من المحتالين وسارقي البيانات لنوقف مقدمي الخدمة الفاشلين، فهم سبب أساسي في تدهور الوضع المعلوماتي، ولا تتعجب إن وجدت عنوان بيتك (ترند) في تيك توك، أو صورة منزلك ورقم هاتفك أصبح عالميا، لأن الأمر ببساطة متروك على الغارب.. كونوا بخير.
http://www.alriyadh.com/2051878]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]