المملكة وهي تدلف للسنة الرابعة والعشرين من الألفية الثانية استطاعت بفضل الله ثم بجهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين يحفظهم الله إنجاز قفزات حثيثة وإنجازات سريعة في مسيرة انطلاقتها وتطورها، وحققت نهضة شاملة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والصحية والتعليمية وفي كافة البنى الأساسية والمرافق الحيوية والتنموية مما مكَّنها أن تتبوَّأ موقعًا مرموقًا في الاقتصاد العالمي، ولا غرو في أن هذا النمو الزاهر والنجاح الباهر كان نتاجًا لتجربة رائدة في ميدان النهضة الشاملة والتطوُّر المتسارع الذي تميزت به المملكة وظهر بارزًا في تحقيقه وإنجازه عبر مسيراتها الدؤوبة الحثيثة في ظل رؤيتها المستقبلية الطموحة بمشيئة الله. لقد تحركت المملكة للتوسع في الصناعات التقنية الحيوية وتنويع المنتجات البتروكيميائية والمعدنية، وكذلك التوجه نحو الانفتاح الاقتصادي والتجارة الحرة والأسواق العالمية، وكل هذا أنجز بفضل الله ثم بحسن السياسات الحكومية التي تعزز التنمية الاقتصادية والعوامل الأساسية في الأداء الاقتصادي القوي للمملكة محليًّا وإقليميًا وعالميًا. وقد واصلت المملكة تطلعاتها إلى الخارج في سياستها الاقتصادية الموجهة التي تبنتها نحو التصدير وتشجيع التدفقات البينية للتجارة والصناعة والاستثمار، كما نهجت المملكة سياسة تجارية حكيمة ومنظمة للعمل مع الدول ذات الآراء والتوجهات المتشابهة لتعزيز قضية التجارة الحرة من خلال منظمة التجارة العالمية والمحافل الإقليمية والدولية. ومن الجدير بالذكر أن المملكة متجهة نحو سوق "المدن الذكية" وقد أملى ذلك التوجه لديها مشروع "نيوم" إلى جانب التوسع الحضري والتقنيّ فيها. ولقد ظلت معضلة تحسين المناخ قضية حساسة تستحوذ على اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين نظرا لأنها تشكل حجر الزاوية في رؤية المملكة 2030 التي رسمت معالم الحراك الإيجابي نحو هذه القضايا البيئية الشائكة التي تشارك بها المملكة دول العالم قاطبة، لذلك وعيًا لدورها وإدراكًا لمسؤوليتها في مكافحة التغير المناخي، تعهدت المملكة بالتزامات مهمة للتحول سريعًا إلى الاقتصاد الدائري للكربون ومساعدة البلدان الأخرى على تعزيز جهودها في العمل المناخي، حيث تلعب المملكة دورًا محوريًا في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ والحياد الصفري للكربون. كذلك بذلت المملكة جهودًا في مجال الحد من انبعاثات الميثان المسببة للتغير المناخي والمعبر عن التزامها بالمساهمة في خفض انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 30 % بحلول عام 2030، كجزء من طموحها لبناء مستقبل أكثر نظافة واستدامة للطاقة. وتفخر المملكة بكونها جزءًا من التعهد العالمي بشأن الميثان والذي يمثل خطوة مهمة لخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري. كما أن المملكة تسعى جاهدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر للنظر إليه على نحو متزايد باعتباره جزءًا أساسيًّا من معادلة تحول الطاقة لفك الكربون عن القطاعات الأكثر صعوبة كجزء من عمل الإطار التعاوني الدولي لتحولات الطاقة حيث يشكل أساسًا متينًا لبناء مستقبل الطاقة الصديقة للبيئة، إذ يبدو واضحًا أن الهيدروجين يقود ثورة الطاقة المتجددة في ضوء الدور المحوري الذي يلعبه الهيدروجين الأخضر لتحقيق الحياد المناخي مما يستلزم سرعة توسيعه ومساهمته الطويلة الأجل في جهود إزالة الكربون. وستنشيء تجارة الهيدروجين وتدفقات الاستثمار أنماطًا وتحولات جديدة من الترابط في العلاقات الثنائية مع بعض البلدان التي لديها وفرة من الطاقة المتجددة المنخفضة التكلفة لأن تصبح منتجة للهيدروجين الأخضر، كما يمكن للهيدروجين أن يكون وسيلة جذابة لمصدري الوقود الأحفوري للمساعدة في تنويع اقتصاداتها وتطويرها ويعتبر دعمًا لتطوير صناعة الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في البلدان السريعة النمو كالمملكة كحل حاسم لتحرير وفك الكربون عن نظام الطاقة الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تحسين المناخ وجودة الحياة، وسيكون التعاون الدولي ضروريًا لإيجاد سوق للهيدروجين تتسم بالشفافية مع معايير وقواعد متماسكة تسهم في جهود تغير المناخ بصورة مجدية، ولقد برز ذلك في فعاليات منتدى مبادرة السعودية الخضراء وهي منصة سنوية لمجموعة من أبرز صُناع السياسات وقادة الرأي وخبراء المناخ حول العالم؛ لتبادل الأفكار والرؤى وإجراء نقاشات متعمقة حول أفضل السبل المتاحة لمعالجة التحديات المناخية وتمويل أنشطة العمل المناخي وابتكار حلول الطاقة النظيفة. لذلك، فإن المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين ومن خلال مواردها وخبراتها الغنية في إدارة استقرار الطاقة عالميًا فهي مؤهلة لقيادة حقبة جديدة من العمل المناخي، والمساهمة بشكل كبير في الجهود العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية. ولقد عكست مضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه سمو ولي العهد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين - يحفظهم الله - في افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى عكست عهدًا زاهرًا وعطاءً زاخرًا لوطننا الغالي العزيز عنوانه التقدم والرقي ورسالته التفوق والريادة، ولتنطلق بلادنا في رحلة غير مسبوقة في مجالات متعددة من مجالات التنمية والتقنية والصناعة والصحة والتعليم والطرق والتعليم وكافة المرافق الأخرى وفقًا وانطلاقًا من رؤية المملكة الحصيفة التي تمضي ببلادنا قدمًا بخطى حثيثة واثقة نحو تعزيز مرتكزاتها وتحقيق أهدافها يضاف إلى ذلك تلك المضامين التي حفل بها الخطاب الملكي الذي يمثل خارطة طريق للسياسات الخارجية والداخلية للمملكة كما جاء في الوقت ذاته مرجعًا هامًا ومقياساً دقيقًا لمقاييس النجاح التي ترتكز على مستهدفات تم تحقيق معظمها في مسيرة رؤية 2030 الوطنية الطموحة. كما أبان الخطاب الملكي اهتمام المملكة بمختلف القضايا التي يعيشها العالم ويؤكد بكل صدق وفاعلية النهج الراسخ لهذه الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه وأكرم مثواه وحتى يومنا الحاضر، هذا النهج الذي ترجمته القيادة الرشيدة إلى خارطة عمل دؤوب وفق رؤية حكيمة ذات فضاءات فسيحة أثبتت نجاحها لغة الأرقام والمنجزات التي نالتها المملكة ولا تزال تحقق المزيد منها يومًا بعد يوم مواصلة رحلتها خلال العام الجديد في الوقوف جنبًا إلى جنب مع كافة المبادرات الدولية التي تدعم السلام والتنمية والتطوير مبينة أن المملكة العربية السعودية هي واحدة من أكثر دول العالم تأثيرًا وصدقًا وموثوقية في العلاقات والتعاملات مع دول العالم قاطبة بما يخدم الاستقرار والرخاء والأمن والسلام.
http://www.alriyadh.com/2052548]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]