يعتبر اسم الإنسان جزءاً من هويته وعنصراً ثقافياً يمكن تناوله ضمن دراسات علم الاجتماع، فمنذ مدة ليست بالقصيرة وأنا ألاحظ تغيير البعض لأسمائهم، وبعض هذه الأسماء يوجد مبرر واضح لتغييرها على الأقل من وجهة نظر أصحابها، أما بعضها فلا يوجد سبب واضح لتغييرها، ولكن ليس المهم رأينا حول هذه الأسماء، فالمهم هو رأي صاحب هذا الاسم الذي يرى أن اسمه لا يشبهه ولا يمثله.
فالاسم رفيق الإنسان الدائم في فترة حياته وحتى بعد وفاته، وإذا كان رفيقنا الدائم لا نشعر تجاهه إلا بشعور النفور والانزعاج، فحري بنا أن نستبدله برفيق آخر يمثلنا وتتفق روحه مع أرواحنا، ومن حق الإنسان الذي اختار أن يغير اسمه أن نحترم رغبته ولا نبدي انزعاجنا من هذا القرار، فكل إنسان أدرى بمشاعره الداخلية، وماذا يعني له هذا الرفيق الدائم، وحتى إذا كان من غير اسمه مسمى على قريب له، فالمؤمل أن يتفهم هذا القريب أن تغيير الاسم لا يعني تغيير المشاعر تجاه هذا القريب، وأن الأجيال تختلف في نظرتها للأسماء كما أن هناك أسماء مرتبطة بمناطق معينة تدرج فيها وتستساغ من أهلها في بيئتهم المحلية ووفق ثقافتهم الدارجة في التسمية، ولكنها في مناطق أخرى تصبح أسماء غير دارجة مما يجعلها لافتة للانتباه خصوصاً عند الأطفال، فقد يتعرض الطفل للمضايقة بسبب هذا الاسم، فيكره اسمه، ويصبح عبئاً عليه، ومصدر انزعاج وتوتر لا يشعر به إلا الطفل نفسه، وقد ينمو معه هذا الانزعاج ويتطور إلى حالة من الانفصال عن هذا الاسم.
الاسم أمانة يؤديها الآباء والأمهات تجاه مواليدهم، وإذا لم يوفقوا في تسمية تتوافق مع روح طفلهم أو طفلتهم، ومن ثم قررت هذه البنت أو الابن تغيير اسمه فمن حقه على والديه أن لا يسببا له مزيداً من الألم، وأن يتفهما ما بداخله من مشاعر تجاه هذا الاسم، والمضايقات التي يعلمها وهما لا يعلمانها، وأن يجعلا الموضوع يمر بسلام ولطف وحب. خصوصاً أن الجهة المعنية بهذا الأمر لا تمانع وتبدي مرونة وتفهماً لهذا القرار.
وإذا كان هناك شخص عقد العزم على تغيير اسمه بعد أن استنفد كل طاقاته ليُحب اسمه ولكنه لم يجد إلى ذلك سبيلاً، فنقول له توكل على الله، وابدأ باسترضاء والديك وتلطف معهما بالقول ليأذنا لك عن طيب نفس في تغيير اسمك ليتبارك معك ولك هذا الرفيق الجديد الذي اخترته رفيقاً جديداً، وأحسن الاختيار حتى لا تقع في المأزق نفسه الذي تحاول أن تخرج منه.
أما الوالدان اللذان ينتظران مولودهما فهما يملكان بالتأكيد من الوعي الذي وصل إليه المجتمع حول ثقافة تسمية الأبناء ما يكفي ليحسنا اختيار اسم مولودهما، فليست كل الأسماء القديمة مناسبة، وليس التوسع الكبير الذي نشهده في ابتكار الأسماء وهندستها وكأنها ديكور منزلي سنستبدله عند مللنا منه دليلاً على التطور والتحضر، وقد تكون عند المبالغة فيها مؤشراً على اهتزاز هوية بعض هؤلاء الأشخاص، فما أجمل أكثر أسمائنا الأصيلة التي تشكل جزءاً من هويتنا وثقافتنا! كما أن الأسماء الجديدة والمستحدثة ليست كلها بعيدة عن هويتنا وثقافتنا.
http://www.alriyadh.com/2054806]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]