من المهم أن ندرك أن الدراسات الاجتماعية التي تقوم بها مراكز الأبحاث الغربية على أبناء مجتمعاتهم تستعين بالأعمال الفنية والروائية على وجه التحديد، حيث إن الكتاب قادرون على رصد ظواهر اجتماعية كثيرة، لهذا اعتبرت الرواية تحديداً التاريخ غير الرسمي للشعوب، حيث أنها ترصد جزئيات وتفاصيل يغفلها أو يعجز عن رصدها، أو لا يهتم برصدها التاريخ المدون، وهذا واقع ملموس، فمثلاً لو عدنا لتاريخنا المرتبط بالخلافات الإسلامية، الأموية، العباسية، ودويلات متفرقة، ثم الخلافة العثمانية، لوجدنا أن ذلك التاريخ المرتبط بتلك الحقبات كان يكتبه المنتصر، ولهذا فهو يركز على جوانب معينة مرتبطة بالبلاط الخلافي، والفتوحات الإسلامية، وحكايات من داخل البلاد، الخلفاء أنفسهم وأبنائهم، وما صاحب ذلك، وقلما نجد حديثاً عن عامة الناس، الذين يطلق عليهم "الشعوب"، وإن أي باحث يرغب في تتبع كيف كان يعيش الناس في تلك العصور ـ وأعني بالناس هنا ـ الشعب، فعليه الرجوع إلى كتب أدبية، مثل كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، والكتب التي تشابهه التي كانت توثق لأشعار الشعراء وحكايات الحكواتية في تلك الحقبة، كما أن عليه أن يتتبع الشعر، الذي هو الآخر كان يمكن له أن يتضمن شيئاً من حكايات أو معاناة الناس، اليوم كل ذلك يرصد عبر الفن، وأقصد هنا المسلسلات والأفلام بوصفها في الأساس قصص تم تحويلها إلى سيناريوهات درامية، وكذلك ما تقدمه الأعمال الروائية من حكايات تتماس بشكل مباشر مع الناس، وحكايات البسطاء، ومعاناة العامة، والتي يمكن أن نورد خير مثال عليها روايات نجيب محفوظ أو حنا مينا ومحمد شكري وغيرهما.
صحيح أن الأعمال الروائية ليست كتابة تاريخية محضة، وتخضع للفن، حيث أن الحبكة والتشويق تمثل عنصران مهمان، هما ما يجعلان العمل الإبداعية لا يتطابق مع الواقع تماماً، لكنها في النهاية ترصد وتنقل واقع الناس في حقبة تاريخية معينة، ما يساعد السسيولوجيين على إمكانية معرفة كثير من الأحوال الاجتماعية في تاريخ محدد.
لهذا كم نحن بحاجة للدراسات السسيولوجية من قبل المتخصصين في علم الاجتماع لدينا للكتابة عن الظواهر الاجتماعية التي هي بلا شك سوف يكون لها دورها في النماء والتطور.
http://www.alriyadh.com/2055801]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]