أطلقت حالة الاضطراب الأمني الراهنة في البحر الأحمر أزمة ضخمة لسلاسل الإمدادات العالمية، مما يعوق عملية التعافي الاقتصادي ككل في 2024، فشركات التصدير تشكو من قسوة تكاليف الشحن، التي زادت بجنون، وعلى سبيل المثال، فإن متوسط سعر شحن حاوية بطول 40 قدماً بين أوروبا وآسيا زادت خلال الأسبوع الثاني من شهر يناير إلى 5400 دولار، مقارنة بـ1500 دولار في الأسبوع الأول، وبالنسبة للمستوردين، فإن الأمر يعني تأخير البضائع، وزيادة التكاليف، وبقاء المكونات الإنتاجية عالقة في أعالي البحار، فيما تظل إسهامات الشحن الجوي محدودة، لأن تكاليفه الباهظة لا تناسب معظم الشركات، وبالنسبة للمستهلكين، الذين لم ينتصروا بعد على التضخم، فإن تفاقم خطر جنون الأسعار، يظل الهاجس الأكبر لهم.
مرت سلاسل التوريدات العالمية خلال السنوات الماضية بعدة صدمات هائلة، لعل من أبرزها الجائحة، والحرب الروسية الأوكرانية، ولهذا، أصبحت الشركات أكثر وعياً وتكيفاً مع الأزمات، حيث شرعت في تطوير خطط طوارئ من أجل تحصين سلاسل التوريد، وإيجاد حلول احتياطية مثل النقل البحري الجوي، والنقل بالسكك الحديدية، وخدمات الشحن الجوي المباشرة، والواقع، أن إطالة زمن الأزمة يزيد من خطر تجفيف منابع الاستثمارات الدولية، ولكنه، سيؤدي إلى مرونة أكبر من قبل المستوردين، المضطرون لقبول أوقات عبور أطول للسفن التجارية عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
من المرجح أن يطول أمد زيادة تكاليف النقل، وتأخير وصول المكونات الحيوية اللازمة للمستوردين، وستكون المعاناة أكثر بالنسبة للشركات الأوروبية، التي تستورد من آسيا، ولكن يبقى العامل الرئيس في كيفية تطور الوضع الأمني في البحر الأحمر، وإذا كانت الأزمة لم تؤد بعد إلى ظهور التضخم الإجمالي، إلا أنها إذا استمرت في التصاعد، فقد يؤدي ذلك إلى انقطاع أكبر للإمدادات وزيادة الضغوط التضخمية، وهذا يعني أن سلاسل التوريدات العالمية ستواجه ضغوطاً إضافية في العام الجاري، وسيكون الأوروبيون الأكثر تضرراً، خاصة الصناعات الإلكترونية والكيميائية والسيارات والآلات الهندسية، لأنها تعتمد بشكل كبير على المكونات المستوردة من آسيا.
قد تؤدي الاضطرابات التجارية وتأخير الشحن إلى إجبار الشركات على وقف الإنتاج أو تقليصه، وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة تسلا أنها ستوقف الإنتاج في مصنعها ببرلين لمدة أسبوعين نتيجة لتأخر مستلزمات الإنتاج، ومن شأن هذا الانقطاع أن يسبب عجزاً مؤقتاً في المكونات أو السلع المصنعة، وهذا سيزيد من الضغوط التضخمية في جميع أنحاء أوروبا، ومن المرجح أن تواجه الشركات ضغوطًا أكبر على هوامش أرباحها نظراً لأن تباطؤ النمو الاقتصادي ودخل المستهلك يزيد من صعوبة نقل زيادات التكلفة بالكامل للمستهلك النهائي، ومع ذلك، فإنه من المستبعد اندلاع اضطرابات تجارية على نطاق واسع، كما شهدنا خلال الجائحة، وبالتالي، يبدو طبيعياً أن تتكبد الشركات تكاليف لوجستية أعلى، لأن تحويل التجارة عبر رأس الرجاء الصالح يضيف حوالي 10 أيام أخرى للوصول إلى الموانئ الأوروبية، وهذا الأمر يكلف وقود زائد قيمته حوالي 900 ألف دولار، وسيؤثر ارتفاع تكاليف النقل بشكل رئيس على قطاعات البيع بالتجزئة والسيارات والبناء الأوروبية لأنها تعتمد بشكل كبير على شبكات النقل الفعالة.
http://www.alriyadh.com/2055946]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]