قبل سنوات كان هنالك برنامج تدريبي للطلبة السعوديين المبتعثين في اليابان لصناعة سيارة كهربائية من الصفر بإشراف خبير تقنيات السيارات بشركة ميتسوبيشي سابقاً السيد كيكوتشي شيجيهيتو. في المراحل الأولى من التدريب طلب المشرف الياباني من الطلاب استخدام شريط لاصق لتثبيت بساط على شكل خريطة على الأرض تتضمن أشكال كامل المكونات الخاصة بالسيارة. ونفذ الطلاب التوجيه ولكن أخطأ بعض الطلاب في عدم وضع الشريط بشكل مستقيم 100 % ونتج عن ذلك بعض التعرجات البسيطة جداً. ورغم أن التصنيع الفعلي لم يبدأ ولن تكون هنالك علاقة مباشرة بين هذا البساط واللصق مع السيارة إلا أن المشرف الياباني وجه الطلاب بأن يعيدوا العمل ويثبتوا الشريط اللاصق بشكل دقيق وصحيح مئة بالمئة! استغرب الطلاب المتدربون السعوديون وسألوا المشرف الياباني: "ولماذا المبالغة في هذه التفاصيل الدقيقة والإصرار عليها؟"، فأجابهم: "عندما نتهاون في الأخطاء الصغيرة فالنتيجة ستكون حصول الأخطاء الكبيرة!".
هذه المقولة للخبير الياباني ذكرتني بقصة خيالية عن بيت تفاجأ الطفل الصغير الساكن به ذات يوم بأن فيه "دغفل" أو فيل صغير، ولكن الطفل قرر أن يتجاهل الأمر لأن أخته الكبيرة ستتصرف دون شك، ولكن الأخت الكبيرة قررت ألا تفعل شيئاً حيال الدغفل ظناً منها أن الأم ستتحرك، لكن الأم أيضاً لم تفعل شيئاً أملاً منها في أن الأب سيتصرف دون شك وهو ما لم يحصل، ومرت الأيام والليالي والدغفل يكبر ويكبر ويحتل مساحة أكثر ويضيق على ساكني البيت حتى أصبح فيلاً ضخماً، وعندما وصل الوضع لحال لا تطاق كان إخراج الفيل الكبير من المنزل صعباً للغاية حيث سيتطلب الأمر هدم الجدار وهو ما قد يتسبب بانهيار المنزل بينما لو تم التعامل مع الدغفل الصغير من البداية لأمكن تجنب الكثير من المتاعب وتقليل التكاليف والمخاطر، القصة أعلاه توضح المقولة الإنجليزية الشهيرة فيل في الغرفة (Elephant in the room)‏ والتي تعبر عن مشكلة قائمة أو خطر حقيقي ولكن لا أحد يريد التحدث عنه أو أن هنالك تعمداً لتجاهل هذه المشكلة وعدم التعامل معها لحلها.

وإذا ما طبقنا هذا المبدأ في عالم القيادة والإدارة فالفيل في الغرفة قد يكون مديراً ظالماً صدامياً أو بيئة عمل سامة أو نظام عمل قديم عفا عليه الزمن أو أفراد معطلين لسير العمل ويعارضون التطوير والتغيير أوغير ذلك. ومن أهم الأسباب التي تقود إلى تفاقم المشكلة هو السلبية حيال الاعتراف بالمشكلة، تهرب الجميع من تحمل المسؤولية والاعتماد على الآخرين أو الظن الخاطىء بأن المشكلة ستنتهي من نفسها دون تدخل.
وبشكل عام، فعندما يكون عندك "دغفل" أو فيل صغير في بيتك أو مقر عملك أو في أي مكان، فمن المهم التأكد من أن المشكلة حقيقية والتحرك بشكل سريع قبل أن يكبر الفيل وتتفاقم الأمور وتتأزم مع الحرص على عدم السماح بدخول دغافل أخرى مستقبلاً.
وباختصار، احسم المشكلات بسرعة وهي صغيرة كي لا تضطر لاحقاً لقرارات صعبة مع المصائب الكبيرة!




http://www.alriyadh.com/2055974]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]