لا أدري لماذا لا يريد البعض أن يواكب التطور المطرد الذي نعيشه في جميع المجالات فيحاول جاهدا تضييق الواسع والالتفاف على الأنظمة الواضحة بما يضر بمن ضمن لهم النظام الاستفادة والحصول على حقوقهم كاملة، وهو يعلم أن شر الناس من ظلم الناس للناس، وهو يظلم مستفيدا لصالح شركة ويظلم موظفا لصالح مؤسسة أو يظلم مستحقا لما يعتقد أنه لصالح دائرة حكومية أو خاصة.
التأمين أحد الأمثلة الصارخة التي تشهد تعقيدات لا تليق بما نشهده من تسهيلات، وهي تعقيدات يقوم بها مديرون أو موظفون جبلوا على تضييق الواسع ويحاولون إرضاء الشركة على حساب المستفيد أو العميل، وينسى الواحد منهم أنه موظف لهذه الشركة وهو في ذات الوقت عميل أو مستهلك في شركة أخرى ولا يقبل أن يهضم له حق فيها.
لا أقول إن التأمين لدينا يعاني من ضبابية؛ فالأمور واضحة جدا، لكن التسويف والتضييق يحدثان والرقيب غافل أو (وسيع صدر)، فكل أشكال التأمين تعاني أحيانا من سلوك التأمين غير الأمين أو المستغل المعطل المسوف، علما أن صناعة التأمين تجارة جد رابحة فهي تقوم على تقاضي رسوم أو اشتراكات سنوية عالية جدا في الأحوال الطبيعية ليس لها حد، وإذا حدث الحدث الطارئ -وهو الأندر- ستدفع تكاليف لها حد أعلى، أي أنها رابحة بلا حدود في الرخاء وهو الغالب، وتصرف جزءا يسيرا في الشدة وهي الاستثناء.
والسلوك التأميني غير الأمين والمستغل والمسوف برز في التأمين الصحي في صورة تضييق الواسع في أمر التغطية واستبعاد بعض الأمراض أو الحالات من الغطاء التأميني، ثم في شكل اشتراط موافقة شركة التأمين على قبول حالات إسعافية، مما تسبب في تعرض المستفيد للأذى إما جسديا أو نفسيا وتأخير علاج يفترض الإسراع فيه، وهذه سلوكيات حدثت ولعلها حلت أو في طريقها للزوال.
وفي مجال التأمين على حوادث السيارات كتبت سابقا عن الأمر الغريب في عدم تعويض الطرف المتضرر عن كامل ما تم تقديره لإصلاح سيارته، وقصر التعويض على المبلغ المقدر مخصوما منه ضريبة القيمة المضافة!، وكتبت قبله عن الأمر الأغرب وهو عدم اطلاع العميل على حقه في خصم عدم ارتكاب حوادث أو خصم الولاء المعلن عنه، وتعقيد الخصم لمشترك لديه أكثر من مركبة باشتراط غريب وهو أن يؤمن عليها جميعا في نفس البوليصة رغم اختلاف التواريخ، وفي كلٍ لم نجد تجاوبا ولا إجابة من أي طرف ذي علاقة بالتأمين.
إن صاحب المركبة المتضررة من حادث لا مسؤولية عليه في حدوثه هو طرف ثالث وخصمه دفع ثمن التأمين كاملا بضريبته المضافة وهو أيضا دفع رسم التأمين على مركبته كاملا بقيمته المضافة، فلماذا يحرم من كامل المبلغ المقدر للإصلاح؟! بل يفترض أن يعوض عن المركبة البديلة التي سيستخدمها أثناء فترة الإصلاح ويعوض عن المبلغ الذي سينقص من قيمة سيارته بعد الصدمة وعن أي مبالغ سيدفعها غالبا لتعديل الهيكل (الشاصي) أو وزن الأذرع، وهي أضرار لا يتم تقديرها ولا اكتشافها إلا لاحقا.




http://www.alriyadh.com/2058142]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]