تشيع في بعض المجتمعات في ظروف تاريخيّة معيّنة مظاهر من الإحساس بالتفوّق العرقي والحضاري (الثقافي) على الآخرين، وتتفاوت حدّة هذا الإحساس حَسَبَ الظروف الاقتصاديّة (صعودًا وهبوطًا) والسياسيّة والعسكريّة (قوة وضعفاً)، حيث تأتي مظاهر هذه العقدة لتغذية الشعور الجمعي العامّ، في فترات العلو أو الانكسار إمّا للزهو أو للتعويض. وتعتبر عقدة التفوّق -حَسَبَ الدراسات- آليّة دفاعيّة نفسيّة يطوّرها الأفراد وكذلك بعض المجتمعات كوسيلة للتعامل مع مشاعر الدونيّة أو عدم الكفاية، وهو شعور ينطوي على اعتقاد مبالغ فيه بقدرات الفرد أو المجموعة العرقيّة، وإنجازاتها، أو أهميتها.
وترصد الدراسات خصائص المركزيّة العرقيّة والثقافيّة بمجموعة من المواقف والمعتقدات والسلوكيات التي تعكس سيطرة الشعور بالتفوّق عند شعب ومجتمع أو حتى عندما "تتعقد" مجموعة ثقافيّة أو عرقيّة فرعيّة داخل البلد (المجتمع) الواحد وترى نفسها أعلى من الآخرين، وفيما يلي بعض الخصائص الرئيسة لمن يعانون من عقدة التفوّق العرق والثقافي:
أولًا: سيطرة التحيّز الثقافي ومن مظاهره النزوع إلى تقييم قدرات ذوي الثقافات الأخرى بناءً على قيم ومعايير ثقافة "النخبة" التي يرى الفرد والمجتمع نفسه ضمنها، مما يؤدي غالبًا إلى تكوّن منظور متحيّز وكارثي خاصّة حينما يكون لهذا الشعور تأثيره على القرار الذي يهم "عموم" الناس. وفي الغالب فإن الأفراد المتمركزين حول "العرق وتفوّق ثقافة المجموعة" يرفضون مفهوم النسبيّة الثقافيّة التي تدعو إلى فهم كل ثقافة وتقييمها في سياق قيمها وممارساتها الخاصة.
ثانيًا: التنميط حيث تهيمن على الأفراد المتعصّبين عرقيًا وثقافيًا الصور النمطيّة التي كونوها من منظار التحيّز عن الأشخاص من ثقافات أخرى وبهذا تنحجب عنهم الرؤية للاستفادة من مواهب أو حتى التفاعل مع من هو خارج دوائرهم. وهنا تساهم هيمنة النزعة العرقيّة في زيادة معدّلات الحكم على الآخرين بناءً على الاختلافات الثقافيّة بدلًا من الخصائص الفرديّة.
ثالثًا: تفشي المحسوبيّة داخل المجموعة التي تدور حول ذاتها، وتؤدي هيمنة هذه النزعة العرقيّة إلى تفضيل مبالغ فيه للمجموعة الثقافيّة أو العرقيّة الخاصة بالفرد، مما يعزّز الشعور بالتضامن (الاستغلالي) داخل هذه المجموعة مع استبعاد "الغرباء" أو تهميشهم وبالتالي اكتساب المزيد من مشاعر البغضاء والخصومة.
رابعًا: ضراوة الحاجة إلى الإعجاب، حيث غالبًا ما يسعى من يعانون من عقدة التفوّق إلى الحصول على الثناء المستمر والإعجاب من الآخرين لتعزيز تفوّقهم المتصور. وتتصاحب مع هذه الحالة خاصيّة تجاهل آراء الآخرين الناقدة لأن تغذية عقدة التفوّق تجعل المصابين بها يعتقدون أن أفكارهم ووجهات نظرهم هي الصحيحة فقط.
خامسًا: ارتفاع منسوب السلوك التنافسي عند من يعانون من عقدة التفوّق، ومن علاماتها التضحية بكل شيء للحفاظ على مركزهم المهيمن ولإثبات حقيقة تفوّقهم مع وضوح عدم تعاطفهم بأيّة صورة مع المنافسين الآخرين الذين يعتبرونهم أقل كفاية.
سادسًا: انعدام الشعور بالأمان مع أنّ التعبيرات الخارجيّة التي تظهر الطُمَأنينة، ويكشف ذلك الشعور المبالغ فيه بالتفوّق مع أنّه يظهر كآليّة دفاعيّة لإخفاء أسباب عدم الأمان هذه.
وحيث إن فكرة التفوّق المتأصل على أساس العرق أو الثقافة مبنيّة بالكامل على أساس زائف ولا يدعمها العلم أو المنطق فإنها سرعان ما تنكشف ولكنها تترك عواقب سلبيّة عميقة على معتنقيها ومن ذلك تشوّه صورة الذات، وتدمير العلاقات الإيجابيّة وهزّ الثقة مع من هم خارج هذه الدوائر المنغلقة.
قال ومضى:
إن لم تكن مهتمّاً بصورتك أمام الناس فلا تحشر نفسك في صدارة مجالسهم.
http://www.alriyadh.com/2061589]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]