حكاية الأمم البشرية تكمن في وصلوها إلى الاتزان الشامل في كل مجالاتها وأول هذه المجلات مجال الثقافة العامة. عندما تكون على وعي من ذاتك وتفهم محيطك الكوني؛ لتبدأ أمورك الشخصية في استقامة حينها تتجلى في رحلة ثقافية هادفة سالمة خالية من الشوائب وتسلك طريقًا مستقيمًا نحو تحقيق بناء اجتماعي متماسك ينطلق نحو تحقيق الإيجابية. استقامة الأشياء في طريقها الواحد تتعقبها ذات متمركزة في عقلٍ واحد هو أعلى العقول وأجلها شأنًا، لأن في رحلة ابتدائِها كلمة صارمة مُجدة لتحقيق طريقها الصحيح. ذلك الطريق الذي يسافر بنا في أسفارنا الزمنية والمكانية إلى ذاتٍ عظمى تذوب نفوسنا فيها، ونستشعر أننا توحدنا في فُلكٍ واحد. وإن تحقيق الكمالات في هذه الحياة لهو الفصل الأخير من حياة الإنسان ولا يتعقبه فصل لأنه خير فصوله، ولا ريب بذلك أبداً. هناك من يتوج هالاته بزيف أوهامه ويظن أنه وصل إلى مسلكه الأخير نحو تحقيق استقامة فاضلة، كلا فالزيف واضحٌ تمامًا للذي أعطاه الله بصيرة إيمانية قوية ينظر في عقله النوراني حقائق الأشياء. فهذا العقل لا يتجلى إلا من خلال نظرية الكسب؛ أي المداومة على طلب المعرفة الثقافية الدالة على الاستقامة الصحيحة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة:6) فهنا طلبٌ فيه الجدية والعمل والغاية في بروز الكمالات نحو الوصول إلى (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) (الفاتحة:7). ظلال العقل ولا غاية غيرها في تحقيق النفوس المعتدلة في حياتها وما بعد تجليها ثانيةً في عالمها الآخر. هي ارتباطاتٌ نستشفها من حياتنا اليومية ومن علاقاتنا مع الآخر، نقرأ الأشياء الكامنة في ذواتنا، وفي ذوات كل المخلوقات؛ لأننا وحدة متكاملة يراها العقل في نقائه ونقاء نفسه، أي هناك رقابة العقل من داخل العقل. وفي محراب هذه المنظومة الكونية التي نعيش فيها، فكوكبنا يتبع شمسنا وشمسنا تتبع مجرتها والأخيرة تتبع عالمها الأعظم في سلسلةٍ عددها لا يحصى، ونحن كمثل هذه المنظومة؛ نتبع من علمونا مسالك الحياة من أب وأم وأخ ومعلم .. إلخ من دروب المصادر. افتح زمانكَ بحثًا عن طريقٍ تدركه أنت لا سواك؛ تراهُ عينك لا غيرها، واسأل ذاتك عن مجيبٍ؛ لن ترَى إلا ذاتك، فإن خرجت منها محاسبًا وناقدًا، اعلم أنها خطُ العودة لكشف المعارف؛ حينها يتحقق لك فجرٌ جديد فيه شروقٌ ونورُ نهار لا ظلمةَ فيه هنا أو هناك. هكذا تخرج من كهفكَ؛ وتلوذ إلى أعماق الفكرة الفلسفية الروحية والمادية معًا.
http://www.alriyadh.com/2070962]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]