من المنتظر أن تؤدي زيادة التعريفات الجمركية الأميركية الأخيرة على الصين، بدءاً من السيارات الكهربائية، ومروراً بالألواح الشمسية، وانتهاءً بأشباه الموصلات، إلى مواجهة تجارية شاملة بين القطبين الكبيرين، فضلاً عن الإعلان رسمياً عن انتهاء عصر السلع الرخيصة، الأمر الذي سيكون له آثار سلبية على المستهلكين، الذين تعودوا خلال العقدين الماضيين، على شراء البضائع الرخيصة، ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن هذه المنتجات الرخيصة أضرت بالصناعات المحلية، مما ولد ضغطاً هائلاً على صانع القرار، وعلى سبيل المثال، دفعت الواردات الصينية الرخيصة ببعض المصانع إلى إغلاق أبوابها وتسريح نحو مليون عامل، ومع طول المعاناة، والصناعات المتعثرة، والركود الطويل في الأجور، تمرد الناخبون، فصوتوا في عام 2016 لرئيس تعهد بمواجهة تجارية مع الصين، وبعد أربع سنوات، انتخبوا رئيساً آخر.
من خلال جهود منفصلة، ومتداخلة، سعى الرئيس السابق دونالد ترمب، والرئيس الحالي جو بايدن إلى إحياء المصانع الأميركية وحمايتها، عبر جعل البضائع الصينية أكثر تكلفة، ففرضوا رسوما كبيرة على الواردات القادمة من الصين، وكان آخرها منتصف شهر مايو، عندما أعلن الرئيس بايدن عن زيادة جديدة في التعريفات على واردات صينية بقيمة 18 مليار دولار، باعتبارها ضمن أجندة الاستثمار الحالية لإدارة بايدن، والتي تتضمن جزئين، الأول: تقديم إعانات وحوافز بحوالي 860 مليار دولار لتنمية الصناعات، أما الجزء الثاني: فيتضمن حماية الصناعات المحلية وخاصة التكنولوجية من إغراق السوق الأميركية بالواردات الصينية الرخيصة.
من غير الواضح حتى الآن، معرفة طبيعة العصر الأميركي الجديد في صنع السياسات الاقتصادية المقبلة، هل سيتم الاعتماد على نسخة بايدن في التحفيز الصناعي والتوسع في الإنفاق والديون، أم سيفتح المجال أمام نسخة ترمب في الانكفاء على الذات والحمائية المتشددة، وفقاً لشعار "أميركا أولاً"، وهذا ما ستجيب عنه انتخابات نوفمبر المقبل، من جهة أخرى، يحيط الغموض بمدى قابلية الشعب الأميركي للتسامح مع آلام الفترة الانتقالية، وبالرغم من أنهم يريدون العمل في كلا الاتجاهين، إلا أن الأميركيين سيشعرون بالغضب عندما ترتفع الأسعار أكثر مما هي مرتفعة، ومع ذلك، فإن فرض المزيد من الرسوم يعني أن كلا المرشحين يخاطر برفع الأسعار، وإبطاء النمو، علاوة على ذلك، فإن قطع دابر المنافسة، قد يجبر الشركات والمستهلكين على إنفاق الأموال على سلع محلية باهظة الثمن بشكل مصطنع، بدلاً من إنفاقها على منتجات جديدة ومبتكرة من شأنها أن تخلق صناعات جديدة ووظائف جديدة.
لكي نوضح تأثير الزيادات الجديدة، سنضرب مثلاً بالسيارات الكهربائية، حيث استوردت الولايات المتحدة سيارات كهربائية من الصين بحوالي 385 مليون دولار في عام 2023، أي 1.4 % فقط من إجمالي الواردات الأميركية، وهذا يعني أن فرض تعريفة بنسبة 100 % على السيارات الكهربائية الصينية سيؤدي إلى القضاء على أي موطئ قدم صغير تمكن المصنعين الصينيين من الوصول إليه في السوق الأميركية، وسيمنعهم ذلك مستقبلاً من الحصول على حصة كبيرة في السوق كما فعلوا في مناطق أخرى، إلا أن هذا لن يكون له تأثير ملحوظ على المستهلك الأميركي أو صناعة السيارات الكهربائية ككل، نظراً لانخفاض مستوى المنافسة من الشركات الصينية.




http://www.alriyadh.com/2078401]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]