التحدي الأكبر في مكافحة التسول هو تغيير الثقافة المجتمعية تجاه هذه الظاهرة، وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد، ويعد وعي المجتمع بخطورة التسول وأهمية التبرع عبر الجهات الرسمية، الخطوة الأولى نحو مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا..
"نحن نتعامل بالواقع.. كواقع؛ لا بد من رصد كل ما يتم تناقله وأخذه بعين الاعتبار ويؤخذ بكل جدية وبكل عملية، لأن النار تبدأ من مستصغر الشرر" هكذا صرح وزير الداخلية سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف -حفظه الله- أثناء ترؤسه لجنة الحج العليا، في حديث أمني شديد الوضوح يعكس الجهود الوطنية المستمرة لتحقيق أمن موسم الحج، وهذه الحماية لها مظاهر عديدة وتشترك في منظومة الحج جهات عديدة ومنها الجهود اللافتة في مكافحة التسول وهو من منابع الخطورة الأمنية والتي يشترك في حمل مسؤوليتها كل مواطن ومقيم، وقد نرى في بعض الأحيان عندما يقوم المتسولون بافتراش الطرقات والممرات المؤدية للحرم المكي، استغلالًا لموسم الحج بأيامه ولياليه وشعائره ومقدساته ومحاولة جعله موسمًا لاستجداء الناس وسؤالهم، خصوصًا أنهم يعلمون أن الحجاج في تلك الأماكن والموسم الفاضل يكونون أكثر طمعًا في رحمة الله عز وجل، فيبذل أهل الخير مما أعطاهم الله رجاءً لثوابه وخوفًا من عقابه. وقد يكون تسولهم إما بشكل فردي أو بشكل استغلالي كمجموعة من أفراد الأسرة والأطفال وذوي الإعاقة أو التسول السري الذي يتم بتنظيم وتوجيه من قبل جماعات مختصة، وأخطرها التسول الإلكتروني وهيمنة التقنية في استنزاف أموال الناس.
ولهذا تعمل المملكة من خلال الجهات المعنية كل عام؛ على مكافحة ظاهرة التسوّل والمتسولين، من خلال إقرار نظام مكافحة التسول والذي يتضمن عدداً من المواد ومنها؛ يُحظر التسول بصوره وأشكاله كافة، مهما كانت مسوغاته. وقد أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حملة توعوية مكثفة تهدف إلى التوعية بمخاطر التسول من النواحي النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والأمنية، من خلال توضيح العقوبات الواردة في نظام مكافحة التسول، وتقديم إرشادات حول الطرق الصحيحة لتقديم التبرعات عبر الجهات المرخصة. وتأتي هذه الحملة بعدة لغات لتتناسب مع تنوع لغات ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، وتستهدف زوار وقاصدي المسجد الحرام (الحجاج والمعتمرين)، والعاملين في موسم الحج، وسكان منطقة مكة المكرمة، حيث تعد الفئة الأولى من أكثر الفئات المستهدفة نظرًا لوجودها الكبير في منطقة الحرم المكي، كما أن الحجاج والمعتمرين يحتاجون إلى التوعية بخصوص مخاطر التسول والطرق الصحيحة لتقديم المساعدة، لضمان عدم استغلالهم من قبل المتسولين، أما العاملون في موسم الحج، فيلعبون دورًا مهمًا في نقل الرسائل التوعوية والمساهمة في مكافحة التسول، كونهم يتعاملون بشكل مباشر مع الحجاج والمعتمرين، ويشكل سكان مكة المكرمة جزءًا أساسيًا من أي حملة توعوية، فهم المقيمون الدائمون في المنطقة والمتفاعلون بشكل يومي مع الظواهر الاجتماعية المختلفة، توعيتهم بمخاطر التسول يمكن أن تسهم بشكل كبير في الحد من هذه الظاهرة.
بلا شك إن هذه الحملات تهدف إلى ردع الأفراد عن الانخراط في التسول وضمان تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء، مما يسهم في تقليل عدد المتسولين وتحسين الأوضاع الاجتماعية، وتشدد الوزارة على أهمية تقديم التبرعات والمساعدات عبر الجهات المرخصة فقط، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين ومنع استغلالها من قبل المتسولين، تعمل هذه الجهود على تعزيز الشفافية والمصداقية في عمليات التبرع، مما يساهم في بناء الثقة بين المجتمع والجهات الخيرية، وتوعية الجمهور بأهمية الإبلاغ عن حالات التسول من خلال الأرقام المخصصة لهذا الغرض، مما يساعد في الحد من هذه الظاهرة وتحقيق بيئة أكثر أمانًا.
أخيراً، يبقى التحدي الأكبر في مكافحة التسول هو تغيير الثقافة المجتمعية تجاه هذه الظاهرة، وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد، ويعد وعي المجتمع بخطورة التسول وأهمية التبرع عبر الجهات الرسمية، الخطوة الأولى نحو مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا. فلا يخفى علينا جميعنا أن مكافحة التسول تتطلب تعاونًا مشتركًا من المجتمع بأكمله، فمن خلال التوعية المستمرة والتعاون الفعّال، يمكننا الحد من هذه الظاهرة السلبية، حيث إن الالتزام بتقديم المساعدة عبر القنوات الرسمية والمرخصة يضمن وصول الدعم إلى الفئات الأشد حاجة، ويحد من استغلال الآخرين لحاجات المجتمع، وليكن شعارنا "دع عطاءك يصل إلى مستحقيه"، دمتم بوعي.




http://www.alriyadh.com/2080953]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]