الإعلام محتوى، إما أن تصنعه أو تحصل عليه من مصادرك، لذلك جوهر الممارسة الإعلامية بالنسبة للمهنيين واضح ولا علاقة له بالوسائل قديمها وجديدها. صانع المحتوى المؤهل يستطيع أن يعلن عن نفسه ويفرض وجوده أياً كانت المنصة/الوسيلة، وليس هناك أوضح مثال من بعض الحسابات الشخصية على (X) التي أصبحت مرجعاً للمحتوى المميز.
الجديد اليوم هو هروب بعض الجهات الحكومية من مسؤولياتها تجاه نشر محتواها والوصول للمستفيد برمي المسؤولية على عاتق وسائل الإعلام واتهامها بعدم إبراز ما تسميه "إنجازات" وتنظيرها حول ما يجب أن يكون عليه الإعلام لمجرد أن تلك الجهات فشلت في إنتاج وتسويق محتواها وإيصال رسالتها للجمهور.
المنجز سيبقى في الغرفة حتى يأتي من يشير إليه وينشره بين الناس، حيث "يمكنك أن تصنع أفضل منتج في العالم، لكن لا أحد سيعرف عنه إذا لم يتم تسويقه بشكل صحيح"؛ أي أن "الإنجاز" لا يكتمل بالمحتوى الجيد فقط، بل يحتاج إلى تسويق فعّال ليصل إلى الجمهور المستهدف ويحقق النجاح المطلوب، وهذه هي الممارسة المهنية الجديدة، حيث انتهى الزمن الذي تركن فيه هذه الجهات على من يصنع لها محتواها، ونعيش اليوم ممارسات إعلامية جديدة تتجاوز الانتظار ورد الفعل إلى الفعل عبر صناعة محتواها الخاص ونشره.
لذلك، لا بد لأي مؤسسة لديها "إنجازات" أن تتولى مسؤولية المحتوى والتسويق، وألا تنتظر من يصنع لها محتواها، حيث التقنية الحديثة وتطور وسائل التواصل الاجتماعي قد أتاحتا للجهات فرصة غير مسبوقة لصناعة المحتوى ونشره على نطاق واسع.
بالطبع، هذا يبدأ باستقطاب الكفاءات القادرة على صناعة المحتوى والتسويق الفعّال وتمكينها من ممارسة دورها الإعلامي والتسويقي لتصنع النجاح الذي سيطارده ويبحث عنه الجميع لإعادة نشره وتوظيفه بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة، وفي حال كانت الإمكانيات تسمح بالتعاقد، فإن مؤسسات الإنتاج الإعلامي وصناعة المحتوى السعودية أصبحت رائدة في هذا المجال.
واجب المؤسسات الحكومية ألا تعتمد على جودة المحتوى فقط، بل أيضاً على التسويق والنشر؛ عبر الاستثمار في تدريب وتأهيل فرق الإعلام لديها على أحدث تقنيات وأدوات صناعة المحتوى والتسويق لضمان بقاء كوادرها على اطلاع دائم بالتطورات السريعة التي يشهدها عالم الإعلام؛ فمن دون هذا الالتزام، ستظل الإنجازات محصورة في الغرف المغلقة، غير معروفة للجمهور الذي يفترض أن يستفيد منها. وبناء على ذلك، يمكن للمؤسسات الحكومية ليس إيصال رسالتها بشكل فعال فقط، ولكن أيضاً بناء علاقة ثقة وتفاعل مباشر مستمر مع جمهورها، بدلاً من الهروب من المسؤولية.
http://www.alriyadh.com/2081748]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]