عندما نتحدث عن اللغة العربية وعلومها وتأثيرها، يجب علينا أن نعلم أن اللغة كائن حي ينمو ويتطور، وفي المقابل يندثر ويموت، ولكن لدينا في المملكة هذا الكائن الغالي يلقى من الاحترام والتقدير ما لم يلقه في مكان آخر، فنجد كل يوم إضافة لهذا الكيان والكائن ما يجعله في ديناميكية دائمة، فبالأمس القريب أطلقت وزارة الطاقة، بالتعاون مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، معجمًا متفرداً لمصطلحات الطاقة، في مختلف مجالاتها، باللغتين العربية والإنجليزية، لجميع المتخصصين والمهتمين بهذا المجال.
النسخة الأولى من المعجم تضم أكثر من (1500) مصطلحٍ، مصنفة في ثمانية أقسام هي: البترول والغاز، والطاقة الذرية والنووية، والاستدامة، والكهرباء، والطاقة المتجددة، ووحدات القياس، وأسماء الجهات والمبادرات، والاختصارات الشائعة. ومن هنا يصبح المعجم مصدرًا موثوقًا به لجميع المصطلحات المتداولة في القطاع، عاكساً ثراء اللغة العربية بالمصطلحات المُستحدثة المتخصصة في مجالات الطاقة.
في تقديري إنها خطوة رائدة، تستحق الإشادة والتقدير لأصحاب هذه الفكرة وهذا المجهود الكبير، لخلق مرجع علمي يظهر المصطلحات الفنية المختصة بمجالات الطاقة المختلفة باللغة العربية، وما يقابلها باللغة الإنجليزية، مع الاحتفاظ بهوية اللغة العربية وثرائها وتفردها، وآلية جمع المصطلحات باللغة الإنجليزية من مصادر متخصصة في قطاع الطاقة، ثم ترجمتها إلى اللغة العربية، مع مراعاة أسس الترجمة الصحيحة، وتصنيف المصطلحات بحسب مجالات الطاقة، ومراجعتها فنيًا ولغويًا من قبل خبراء ومختصين في مجالات الطاقة واللغويات ثم ترتيبها ألفبائيًا، وأخيراً توحيد المصطلحات التي يختلف استخدامها من جهة لأخرى، ومن بلد لآخر.
ولأننا في بيت الطاقة ومنظومتها المتكاملة التي تشمل المواد الهيدروكربونية، والطاقات المتجددة والنظيفة، وبرامج لتكامل الكهرباء، ومواجهة التغير المناخي، والاستدامة والابتكار، وكفاءة الطاقة وترشيدها، والاقتصاد الدائري للكربون، والهيدروجين، وصولًا إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في كفاءة الاستهلاك والتنمية الاقتصادية، والريادة في أسواق الطاقة، وتعظيم المنفعة المالية، وتعزيز المحتوى المحلي، وإدارة الكربون، وأمن وموثوقية الإمدادات؛ ولتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، والاهتمام بالأجيال القادمة، وتحصين تلك الثروة، كان إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ سمو وزير الطاقة، مشروع المسح الجغرافي لمشروعات الطاقة المتجددة في المملكة، وإسناد عقود تنفيذ المشروع إلى شركات وطنية لتركيب 1200 محطة لرصد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع مناطق المملكة، ليصبح هذا المشروع الأول من نوعه، عالميًا، من حيث التغطية الجغرافية، مُبيّناً أن المشروع سيشمل جميع مناطق المملكة، من خلال مسح أكثر من 850 ألف كيلومتر مربع، بعد استثناء المناطق المأهولة بالسكان، ومناطق الكثبان الرملية، وقيود المجال الجوي، وهي مساحة تعادل مساحات مساحة بريطانيا وفرنسا معًا، أو ألمانيا وإسبانيا معًا، وحسب قول سمو وزير الطاقة: "لم يسبق لأي دولة في العالم أن قامت بمسحٍ جغرافي، من هذا النوع، على مثل هذه المساحة".
إن أهمية هذا المشروع تكمن في البحث عن مصادر الطاقة المتجددة، لتصبح ثروة جديدة لأبناء الوطن والأجيال القادمة، لأن هذا النوع من الطاقة لا ينضب معينه أبداً إلى أن تقوم الساعة، حيث يسهم هذا المسح الجغرافي في سرعة تخصيص أراضٍ لمشروعات الطاقة المتجددة بشكل فوري، وسرعة طرحها وتنفيذها، دون الحاجة لانتظارٍ يتراوح، حالياً، بين 18 و24 شهراً للحصول على البيانات، مما يعزز فلسفة الجذب الاستثماري، وتشجيع المستثمرين على المشاركة في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، لأنها استثمار موثوق وآمن ومرتفع الربحية؛ لتتحقق أهداف الرؤية لتشكل الطاقة المتجددة 50% من مزيج الطاقة بحلول 2030، وتتعاظم فوائد المشروع الكبير بتوليد أكثر من 20 جيجا واط كل سنة، بدءاً من هذا العام 2024م، وتحقيق المستهدف بالوصول إلى توليد أكثر من 100 جيجا واط بحلول 2030، لتصبح المملكة مركزاً عالمياً للطاقة الجديدة النظيفة.




http://www.alriyadh.com/2082392]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]