مع نهاية سنة وبداية سنة جديدة لا يوجد سَنة تأتِي أجمل من سَنة، نحن من نُصبح أجمل أو أقبح ونَحن من نغير أيامنا ومشاعرنا التي تُغيرها رياح الواقع والحب والوداع واللقاء والاشتياق ونَحن الذين نختار أن نُبرم صفقة جديدة مع الأيام، السنوات لا تُغلق معها الألم ولا تَضمن لكَ السعادة، الأيام تنتظركَ أنت أن تؤمن بقدرتك على التغيير وأن تفهم أن لا أحد يبقى لأحد، الزَمن لا يَقوم بِتصفية الناس من حولنا، نَحن من نُصفيهم ونُنصفهم، نَحن من نتغير وَنُغير، نستطيع أن نختار التاريخ الذي نريده لنبدأ بأي شيء ونحتفل ببدايتنا الخاصة التي لا يستطيع أحد أن يوقفها، فمع تقدم العمر نخسر نسبة من حاسَّة البصر لصالح قوة البصيرة، ومع تقدم العمر تتراجع نسبة قوتنا الجسدية لصالح قدراتنا الفكرية، ومع تقدم العمر يختفي اللون الوردي من وجنتينا لتفوح رائحة الورود من كلماتنا، ومع تقدم العمر يقل تفكيرنا في الدنيا ويزيد تفكيرنا في الآخرة، إذاً مع تقدم العمر نحن ﻻ نخسر بل نستبدل الخسائر أرباحا، مع نهاية عام 2022 بشهرين ذهبت لإحدى وكالات السيارات لشراء سيارة جديدة تخصني بعد أن بعت السيارة التي تخص العائلة، فالعيال كبرت وكل معه سيارة تخصه وأيضاً المدام معها سيارة تخصها، قال لي مدير المبيعات: موديل 2023 التي تريدها لم تصل بعد لكن سنسجل اسمك في طابور الانتظار، استغللت فترة الانتظار وأخذت لي "لفة" على وكالات السيارات، وكل وكالة قالوا نفس الكلام بل زادوا على ذلك قولهم إن كل سيارة مقسمة إلى فئات ثلاث وكل فئة لها سعر، خرجت بعد دوار الرأس بأن الفئات حسب قوة الشراء لدى الشاري، وبالنظر للبشر فهم أيضاً فئات خاصة من تقدم بهم العمر، أهم فئة من البشر هم الذين لا يحبون الخروج من المنزل، يحبون الجلوس في بيوتهم بسلام، ‏عند خروجهم يشتاقون لعزلتهم المبهجة لديهم، هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين لديهم صديق واحد أو اثنين مقربان ولا يتصلون بأحد، هم أنفسهم الذين دائمًا هواتفهم في وضع صامت ولا ينتظرون أن يسأل عنهم أحد بل يزعجهم كثرة السؤال والحديث والاختلاط معهم، هم أنفسهم الذين يفتحون الفيسبوك يوميًا بدون محادثة أحد إلا نادرا، هم الانتقائيون في مشاعرهم وهم أنفسهم الأشخاص الذين يعشقون الهدوء والكتب والسفر والتلفاز، يفضلون الإضاءة الدافئة الخافتة، العزلة لديهم إدمان وهم أنفسهم الذين يبتسمون دائمًا سارحون في خيالهم لا يؤذون أحدًا، أنا من هذه الفئة ومثلي قلة قليلة ولا يفهمنا إلا من كان منا، وبالنسبة للمسرحيين هناك فئتان لا ثالث لهما، فئة تخدم المسرح على حساب نفسها، وفئة تخدم نفسها على حساب المسرح، ولأني من فئة بني مسرح ومتقدم في العمر أقول: مهما تقدمنا وفُتِحت أمامنا طرق النجاح، ووصلنا لكل ما نحلم به، علينا أن نتذكر من كان سبباً في نجاحنا ومن ساندنا، وأمسك بيدنا للاستمرار في طريقنا للنجاح والتقدم، فمن واجبنا أن نقدم لهم واجب الشكر والتقدير، ولله الشكر من قبل ومن بعد.




http://www.alriyadh.com/2084204]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]