مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر المقبل، يضع الخبراء الاقتصاديون علامات استفهام كبيرة حول مدى تأثير الجدل السياسي الراهن بين الجمهوريون والديمقراطيون على موثوقية البيانات الاقتصادية الرسمية، والتي تحظى باهتمام بالغ بين كافة الدوائر الاقتصادية سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، حيث يستخدم الاحتياطي الفيدرالي هذه البيانات في تحديد موعد رفع أسعار الفائدة أو خفضها، بينما يستخدمها الكونجرس الأميركي والبيت الأبيض في تحديد موعد تمديد إعانات البطالة أو توقيت إرسال شيكات التحفيز، في الوقت نفسه، يربط المستثمرون رهانات بمليارات الدولارات بمعظم التقارير الشهرية عن نمو سوق الوظائف، ومعدلات التضخم، ومبيعات التجزئة.
قبل أيام، أصدرت جمعية الإحصاء الأميركية، تقريراً بعنوان «بيانات الأمة في خطر»، سلطت فيه الضوء على التهديدات التي قد تطيح بموثوقية البيانات الرسمية، مثل الإحصاءات المتعلقة بالتعليم والصحة والجريمة والاتجاهات الديموغرافية، وبالرغم من أن التقرير يخلص إلى أنها إحصاءات موثوقة في الوقت الحالي، إلا أنه يحذر من أن هذا الأمر قد يتغير قريباً، بسبب احتمالية التلاعب السياسي بهذه البيانات في عام الانتخابات الأميركية، والواقع، أن النظام الإحصائي يشبه البنية التحتية مثل الطرق السريعة والجسور، حيث يتم تجاهلها طالما تعمل بأمن وسلامة، بينما يتم الانتباه لها حين تحصل كارثة انهيارها، وبالتالي لا أحد ينتبه الآن لخطورة التلاعب في البيانات الاقتصادية، إذ يؤدي انتهاك استقلاليتها إلى ضرب الشفافية في مقتل.
فنياً، تستند معظم البيانات الفيدرالية على دراسات استقصائية للأسر أو الشركات، وقد انخفض معدل الاستجابة للاستطلاعات الحكومية خلال السنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال، هبط معدل الاستجابة للمسح الشهري الذي يستطلع أراء 60 ألف أسرة، والذي يشكل الأساس لمعدل البطالة وإحصاءات القوى العاملة، إلى نحو 70 % في الأشهر الأخيرة، انخفاضاً من 90 % قبل عشر سنوات، وهذه المشكلة على وشك أن تتفاقم بسبب ارتفاع تكاليف إجراء المسوح، وضعف ميزانية بعض الوكالات الإحصائية، في الوقت نفسه، تتراجع معدلات الاستجابة للاستطلاعات الحكومية الخاصة ببيانات الأجور وفرص العمل والنفقات الاستهلاكية، وبطبيعة حال، فإن ارتفاع معدل الاستجابة يعني جودة البيانات، أما تدني معدلات الاستجابة فيعني نتائج متحيزة وغير دقيقة.
في الوقت الحالي، تواجه الوكالات الإحصائية في الولايات المتحدة صعوبات كبيرة، في مقدمتها عدم توفير الحماية الواضحة لها حتى تظل بمنأى عن التلاعب السياسي، بالإضافة إلى أن نقص التمويل لدي هذه الوكالات يضعف فرصتها في إجراء المزيد من البحوث الميدانية وتعزيز خطط التحديث والابتكار، وإذا كان التصور المبدئي لعمل هذه الوكالات أنها مختصة فقط بإنتاج الأرقام الشهرية أو نتائج الأرباع السنوية، فإنها مطالبة أيضاً بالتحديث المستمر في البيانات وطرق دمجها حتى لا تفقد الثقة والجودة، وبالتالي، فإن نقص التمويل الحالي يشكل عقبة كبيرة ، لأنه يفقدها فرصة توسيع نطاق التغطية الاقتصادية التي لا يتم قياسها عادة من خلال الإحصاءات التقليدية، وعلى سبيل المثال، فإن بيانات التوظيف الحالية تواجه صعوبات في استيعاب صعود العمل الحر.
http://www.alriyadh.com/2084907]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]