بالتأكيد قيام أشخاص مثليين ومتحولين من الـ (دراغ كوين) بتقمص شخصية السيـــد المسيح عليه السلام وحوارييه، مثلما يقال، ومعهم إله المجون الإغريقي (يونيسوس)، أمر غير مقبول فـــي الديانات الإبراهمية كلها، إلا أن العلمانية تعتبر من قيم الجمهــورية الفرنسية، والمبدأ العلماني مقدم عنـدهم على الحريات الدينية..
العالم كله كان ينتظر حفل افتتاح أولمبياد باريس، يوم 26 يوليو من العام الجاري، والذي يمثل النسخة الثالثة في تاريخها، والثالثة والثلاثين للأولمبياد، والأولى في العاصمة الفرنسية منذ مئة عام، ولكن أحداً لم يكن يتصور أبداً حجــــم الأخطاء التي حدثت، خصــــوصاً وأن الاحتفالية خضعت لـ 200 بروفة تدريب، وبالتالي فالمفروض أن يكون أداء المشاركين فيها أكثر احترافية، والفارق هو في إقامة الأولمبياد خارج أسوار الملعب، وفي مكان مفتوح مثله نهر السين، وفي كونه عائماً، وإلا فقد رفع العلم الأولمبي بالمقلوب، وتم تعريف المشاركين من كوريا الجنوبية، على أنهم من كوريا الشمالية، وجاءت قاصمة الظهر في لوحـــة العشاء الأخير، للإيطالي ليوناردو دافنشي، صاحب لوحة (المونوليزا)، ولا بد من الإشارة إلى أن الاحتفاء باللوحة الجدلية، عند رسمها على حائط غرفة طعام بميلانو عام 1496، كان في الأصل لتميزها الفني، وليس لارتباطها بالدين المسيحي، ولكنها مع الوقت أخذت وزناً دينياً خاصاً.
بالتأكيد قيام أشخاص مثليين ومتحولين من الـ (دراغ كوين) بتقمص شخصية السيـــد المسيح عليه السلام وحوارييه، مثلما يقال، ومعهم إله المجون الإغريقي (يونيسوس)، أمر غير مقبول فـــي الديانات الإبراهمية كلها، إلا أن العلمانية تعتبر من قيم الجمهــورية الفرنسية، والمبدأ العلماني مقدم عنـدهم على الحريات الدينية، في الدستور والقانون وأمام القضاء، منذ إقرار الفصل بين الدين والدولة عام 1905، وهناك من يعتقد أنها حيلة تسويقـية من منظمــي الأولمبياد، لأن مشــــاهديه عـــلى يـــــوتيوب وصـلوا لنحو المليار، في ساعات قليلـــــة، والرقم قيــاسي بالمواصفـــات الأولمبية، وبالمناسبة فيديو الاحتفال لم يتم حذفه، بحسب لجنة الأولمبياد، وعدم إعادة البث في بعض البلــــدان، سببه حقــــوق النقل وحدها، وحتـــى المقــــاطـــع التي تم تـــــداولها على نطاق واسع، بوصفها تمثل مسيرة احتجاج للمسيحين في شوارع فرنسا، ليست دقيقة، واتضح أنها تعود إلى أحداث وقعت في 2022.
الدول عندما تستضيف الألعاب الأولومبية، والمنافسات الرياضية الكبيرة، تحرص على عرض تاريخها وثقافتها وحضارتها وتفاخر بها، وبما يحقق الاستثمار في الحدث ثقافياً واقتصاديا وسياحياً، ولا أدري أين ذهب التنويريون الكبار، من أمثال فولتير ومونسيكو وجان جاك روسو ودنيس ديدرو وغيرهم، واختصرت الحكاية في تصوير لا يليق لماري انطونيت، ورأسها المقطوعة بين يديهـا، وتكـراره فــــي نوافذ قلعة قديمة، وفي ألعاب نارية على شكل دماء، وفي مائدة عشاء تفتقر إلى أبسـط قواعد الذوق، ويقولون إنها دعوة للتسامح المجتمعي، وهم لم يتصالحوا مع ماضيهم، والنتيجة الأولية أن الأولمبياد خسر العالم المسيحي، ومجموعة من رعاته ومموليه، ولا أتصور اأن الأمور ستتوقف عند هذا الحد.
لكني لاحظت أن حضور المائدة كانوا 18 شخصاً، بينما السيد المسيح ومن حضر من حوارييه، في لوحة دافنشي وفي الإنجيل، لم يتجاوز عددهم 13 شخصاً، ما يجعل الرواية التي تحيل إلى لوحة (وليمة الآلهة) لـ (بيلغيرت) أقرب إلى الحقيقة، لأنها تظهر آلهة الأولمب، في الميثولوجيا الإغريقية، حول مائدة، يحتفلون بزواج (ثيتيس) و(بيلويس)، وفيه تبرير لوجود (يونيسوس)، الذي ليس له علاقة بالعشاء الأخير، وتمثل ارتباطا أكثر معقولية بالألعاب الأولمبية، لأن تاريخها يعود إلى عام 776 قبل الميلاد، وكانت تقام كل أربعة أعوام، تكريما لكبير الآلهة (زيوس)، إلا أن الأمبراطور (ثيودوسيوس) الأول، حظرها في 393 ميلادية، بحجة أنها تشجع على الوثنية، واستمرت ممنوعة طوال 1500 عاماً، حتى نظم البارون الفرنسي بيير دي كوبيرتان في 1894، مؤتمرا أولمبيا في المدرج الكبير بجامعة السوربون، شاركت فيه مجموعة من الدول الأوروبية، وضم ألفي شخص، وأول أولمبياد بالشكل المتعارف عليه، أقيم في أثينا باليونان عام 1896.
الفرنسيون مثقفـــــون جدا، ولا أعتقـد أن مثــــل هذه الحقــــائق تفـــوتهم، إلا أن معرفتها لا تبــرر ما حدث، فالترميزات تقبـــــل الإحالة على أشياء كثيــــرة، بما فيها التجريح في المسيحية، وفي شخص السيد المسيح عليه الســــلام، والتــــــرويج للبيـــدوفيليا والمثليـــــة والسلـــــوكيات الشاذة، وفـــــي محفل محايد، ومخصص للمشاهدة العائلية، ويشارك فيه أشخاص من ثقافات وديانات مختلفة، يحملون معهم محاذيرهم الخاصة، وليس من حرية التعبير فرض اختيارات معينة عليهم، أو تعريض أطفالهم لمشاهد لا يسمح بها، في التشريعات الأوروبية، لمن هـــــم دون الثامنة عشرة.
بالإضافة ألى تأكيد المحكمــــة الأوروبية لحقوق الإنسان على السلام الديني، وبالأخص فيما يتعلق بالجرائم الدينية، من نوع الإهـــــانة أو التشهيـر أو التحريض على الكراهية، أو العنف أو التمييز على أساس الدين، ولدرجة انها حكمت بعـــــدم قانونية عرض فيلم سينمائي، فيه إساءة للسيد المسيح عليه السلام عام 1996، والمشكلة أن استبداد ودموية الكنيسة في فرنسا القرون الوسطي، جعلت نظرتها إلى الأديان بالكامل مرتبكة ومتحاملة، وفاقمها أولويات (الووكيز)، وإلا فإن المنطق يفترض فيمن يحترم الهويات الجنسية للأشخاص، مهما كانت صارخة وحدية وصادمة، أن يعطي الاحترام نفسه لهويات الآخرين الدينية، ما دامت لا تمسه ولا تفرض قناعاتها عليه.
http://www.alriyadh.com/2087988]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]