كثيرًا ما كان يدور في النفس في المحافل الدولية لماذا لا نقدم نحن السعوديين أنفسنا برمز الإبل، واسمنا فرسان الصحراء، خاصة وأن الإبل تكنى بسفينة الصحراء، وعلى سبيل المثال في المشاركات الرياضية، مع كل الإعجاب لشعارنا الصقور الخضر، لكنني أجد أننا كفرسان الصحراء بمزية الإبل نكون أقوى وأكثر ارتباطًا بتاريخنا وتميزًا عن غيرنا...
لطالما ربطت ثقافتنا الخليجية بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص بالإبل، والعالم كله في عميق مفهومه الثقافي عن الجزيرة العربية والسعودية خصوصًا، أنها بلاد رمال مقفرة صحراء، لا يسكنها إلا نحن والإبل، ورغم أننا نعي جيدًا أنه في موروثنا الثقافي التاريخي الإبل ترمز إلى الغنى والقوة والقدرة، لكن في مفاهيم العالم الأخرى يربطونها بأمور يريدونها سلبية علينا، لهذا فإن ما تقوم به المملكة ممثلة بوزارة الثقافة من مبادرات تعنى بالإبل، لا بد وأن تتحول إلى أن تكون الإبل رمزنا الثقافي التاريخي، الذي نقدم به أنفسنا تاريخا وحضارة ومستقبلا، وهذا يلزم معه أن يعرف العالم ماذا يعني الإبل؟ وحقيقة هذا المخلوق الذي ضرب لنا الله عز وجل به مثلًا على قدرته وإبداع خلقه سبحانه وتعالى.
في جدة هذا العام أطلقت وزارة الثقافة مبادرة عام الإبل بعنوان تاريخ وثقافة وماضٍ أصيل، وذلك في منطقة سيتي ووك، التي هي إحدى مناطق موسم جدة 2024، والغاية تعريف المشاركين بمفهوم الإبل ووصفها كرمز ثقافي وتاريخي وحضاري متأصل في جذور المملكة، ولعل المبادرة أخذت على عاتقها عملية الربط بين الإبل ورمزيتها وأهميتها، وبين مساحات الاهتمام والمعرفة لدى الجيل الجديد من شباب المملكة، غاية توعوية تثقيفية، يهدف القائمون عليها إلى إيجاد حيز معرفي اهتمامي في أذهان شباب اليوم والمستقبل، ولضمان وجود قطاع يستمر في عملية الاهتمام بالإبل وضمان جودتها وأصالتها.
المبادرة أخذت على عاتقها التعريف بالإبل وأهم عناوينها وتفاصيلها، وذلك من خلال تجربة ثقافية تفاعلية، والتأكيد على مكانة الإبل عالميًا، وإعطاء ما يكفي من جرعات المضاد الوطني التثقيفي في حال تم الإشارة إلى هذا الرمز الوطني التاريخي بإشارات سلبية أو محاولة انتقاص، وكيفية أن هذا المخلوق ارتبط بتاريخ قديم ضارب في جذور العرب وحضارتهم قبل وبعد الإسلام، وكيف أن حضارات ارتبطت به كوسيلة نقل تجارية، ومجتمعات عاشت على ما تأكل وتشرب منه، وأنه كان الرخاء في أي مجتمع عربي يرتبط مقياسه بما يملك أفراده من إبل، بل إن قبائل سادت وحكمت لأنها تملك إبلًا أكثر من غيرها.
الحديث عن الإبل أمر يحتاج إلى وقفات متعددة، ومتخصصون في تاريخها وفي كيفية تربيتها والاعتناء بها، وحقيقة أن نادي الإبل ووزارة الثقافة يوليان هذا الملف أهمية كبيرة جدًا، خاصة وأن الإبل أصبح هناك تركيز على أهميتها في مفهوم الأمن الغذائي والصحي والطبي، وأنها كذلك تمثل فرصًا اقتصادية قوية جدًا للمهتمين بها والراغبين في تجارتها، ولكن قبل تقنين الملف الرمزي أو الاقتصادي للإبل لا بد من تكثيف حملات التوعية بها وبأسمائها وأشهر فصائلها، وكيفية معيشتها وتنقلها وأهم مميزاتها الجسدية والحيوية، وتقديم الإبل على أنها مخلوق فريد من نوعه، وأننا أهله ووحدنا من يحق له رفعه كشعار وعنوان لحضارتنا ومستقبلنا.
كثيرًا ما كان يدور في النفس في المحافل الدولية لماذا لا نقدم نحن السعوديين أنفسنا برمز الإبل، واسمنا فرسان الصحراء، خاصة وأن الإبل تكنى بسفينة الصحراء، وعلى سبيل المثال في المشاركات الرياضية، مع كل الإعجاب لشعارنا الصقور الخضر، لكنني أجد أننا كفرسان الصحراء بمزية الإبل نكون أقوى وأكثر ارتباطًا بتاريخنا وتميزًا عن غيرنا، وهي مجرد فكرة تراودني أحببت أن أطلقها من خلال مقالتي هذه.
كل الشكر لوزارة الثقافة ممثلة بسمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، حقيقة هذا السعودي الأصيل يلامس كل ما يدور في الوجدان، ويعيد إطلاق مفاهيمنا الثقافية والتاريخية والرمزية بأساليب مناسبة لتطورات العالم اليوم، وتعزز من مسيرتنا التنموية الشاملة المنبثقة من رؤيتنا المباركة 2030.




http://www.alriyadh.com/2089351]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]