لكل اقتصاد في العالم خصائص ومميزات وتفاصيل خاصة فيه، لا يوجد اقتصاد يشابه الآخر.. اليابان اليوم وهي أحد أكبر عشر اقتصاديات في العالم من حيث الناتج المحلي، تعاني لأول مرة منذ 1986 مرحلة تراجع حاده للين الياباني عملتها الرئيسة مقابل الدولار، ولا أقول انهيار فهي اقتصاد قادر ومتمكن ماليا، لماذا تراجع الين لمستويات 160 يناً مقابل دولار واحد في شهر يونيو الماضي وهو أدنى مستوى منذ 38 سنة فقد خسر أكثر من 12 % من قيمته منذ بداية العام يتذبذب حول ذلك، وقد فقد أكثر من ثلث قيمته منذ 2021.
الين اليوم ليس ين الأمس، والسبب الرئيس هي مطرقة وسندان للاقتصاد الياباني وعملتها، فهي بين تحفيز الاقتصاد بمستويات سلبية للفائدة، حيث أعلنت في مارس الماضي عن التخلي عن سياسة الفائدة السلبية والتي استمرت ثمان سنوات، وهذا يمثل انهيارا لأوسع برنامج تحفيز للاقتصاد الياباني في التاريخ، للضغوط التي تمت على الين دعت البنك المركزي الياباني من خلال رئيسة «كازو أويدا» أن يعلن عن رفع الفائدة ربع نقطة في شهر يوليو لتصل لمستويات 0,1 % وتظل متدنية، وهي الأولى بعد مرحلة تحفيز اقتصادي كبرى استمرت سنوات .
لكن ماذا حدث؟ أن تراجعت الأسهم اليابانية بمستويات تقارب 0.4 %، وقلص البنك المركزي شراء السندات للنصف إلى ثلاثة مليارات ين بدلا من ستة مليارات ين، وأن يستمر التضخم عند مستويات 2.5 % وعام 2025 أن يصل 2 %.. حين نبحث عن السبب الرئيس لانخفاض الين أمام الدولار لمستويات 160 ين لكل دولار، فهي التباين في أسعار الفائدة، فحين كانت سلبية على الين البنك الفيدرالي يعلن عن رفع مستمر حتى وصل لمستويات 5.25 % و5.50 %، وهذا ما سبب ضغطا على الين أمام المستثمرين الذين يتوجهون بأموالهم لفائدة الأكبر وبيع أكبر للين وهذا سبب آخر، ويقلص من تحفيز المستثمرين للاقتصاد الياباني في ظل تقلبات وضعف العملة، وهذا ما دعا المالية اليابانية إلى ضخ ما يقارب 62.25 مليار دولار منذ أبريل الماضي لدعم الين.
وزير المالية الياباني «شونيتشي سوزوكي» صرح قائلا «إن البلاد تشعر بقلق عميق بشأن تأثير العملات الأجنبية على الاقتصاد «وهنا المقصود الدولار، ولكن السؤال لماذا لم تتبع اليابان مرحلة تثبيت الدولار عن التعويم؟ هناك أسبابهم الاقتصادية لا شك، ولكن من المهم معرفة نسق الاقتصاد الياباني الذي هو يعيش خارج نسق الاقتصاديات العالمية، سواء الصين أو أوروبا أو الولايات المتحدة «اليابان تملك سندات أميركية تزيد على 1.1 تريليون دولار وحجم الدين يفوق الناتج المحلي بنسبة 255 %، فوائد الديون تأكل 22 % من ميزانيتها ومتوقع 25 % في 2025» وهي قوة اقتصادية كبرى وصناعية لا شك بذلك، ولكن هي مرحلة تقلبات «قاسية» عالميا بين فائدة مرتفعة وتضخم، وركود تضخمي، قد يكون من المفيد لليابان تثبيت ولو «مؤقت» لتجاوز الأزمة، ولكنها اليوم تتكبد تكاليف عالية جدا، ولن تتنفس الصعداء إلا بعود الفائدة على الدولار للارتفاع من جديد.




http://www.alriyadh.com/2090086]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]