المملكة اليوم -في عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده- والشعب السعودي بأكمله يدركون المكانة والإنجازات اللتين حققتهما السعودية خلال ما يقارب من عقد من الزمان، كما يدرك العالم من حولنا الصورة الواضحة التي ترغب السعودية في تحقيقها من خلال استراتيجية تنموية اعتمدت رؤية المملكة 2030 كخارطة طريق تقودها نحو المستقبل..
قبل أيام نشرت صحيفة بوليتيكو مقال رأي كتبته كبيرة مراسلي الصحيفة للشؤون الخارجية، وتدعى نهال توسي، في ذلك المقال استخدمت الكاتبة سيناريوهات ثلاثة بهدف الإثارة، هذه السيناريوهات بنيت على ثلاثة عناصر أولاً: الشخصية التي تكتب عنها وأهميتها الدولية والإقليمية، ثانياً: نوعية الموضوع الذي تتناوله ومدى جاذبيته، ثالثاً: اختراع الحقائق وربطها بالسيناريو الأول والثاني ثم تقسيم أفكار المقال على سطوره، باعتماد فكرة الإكثار من نقاط التوقف والإثارة في سياق المقال.
فكرة المقال هدفها الفعلي التلاعب بحقائق مهمة حول الشرق الأوسط ونقلها من قضية إقليمية إلى قضية تخص شخصية قيادية ذات أهمية كبرى، في محاولة يائسة للتأثير على القيم والسياسات السعودية حول القضية الفلسطينية وخاصة الحق الفلسطيني الذي عاش بذات المسار منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله– وحتى اليوم دون تغيير، ولذلك فإن القارئ يدرك أن موضوع المقال من أوله إلى آخره مبني على قصة يصعب تصديقها أو تصورها سياسياً.
السياسية السعودية بطبيعتها ليست سياسة تعتمد المفاجآت وتغيير المواقف دون مقدمات، لقد كانت الرسالة السعودية واضحة خلال السنوات الماضية وقبل حرب غزة بكثير، وقد حملت الرسالة السعودية حقائق واقعية حول علاقاتها الدولية ومصالحها الاستراتيجية وتحالفاتها، ومن يتصور أن دولة مثل السعودية عمرها ثلاثة قرون تبني سياستها وفق منهجية الصدفة والطارئ من الأحداث دون الرجوع إلى القيم الراسخة التي بنيت عليها هذه المملكة فهو مخطئ وبشكل كبير؟!
المملكة اليوم -في عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده- والشعب السعودي بأكمله يدركون المكانة والإنجازات اللتين حققتهما السعودية خلال ما يقارب من عقد من الزمان، كما يدرك العالم من حولنا الصورة الواضحة التي ترغب السعودية في تحقيقها من خلال استراتيجية تنموية اعتمدت رؤية المملكة 2030 كخارطة طريق تقودها نحو المستقبل، ولذلك لابد أن نتنبه إلى نوعية التلاعب الذي حاولت الصحيفة الناشرة وكاتبة المقال أن تمارسه بفرضها الشكوك حول المستقبل السعودي، عبر اختراع القصص واختيار سيناريوهات متعددة لمناقشة العلاقات السعودية بالعالم من حولها وخاصة موضوع العلاقات السعودية الأميركية.
عبر تاريخ طويل من الكتابة في المجال السياسي كهاوٍ وليس كمحترف أستطيع القول إن الفضاء السياسي السعودي فضاء واضح وصافٍ لا يوجد فيه سحب سياسية تغير من درجة الصفاء فيه، فكل من يكتب عن السياسة السعودية يدرك تلك العلاقة السعودية الأميركية، وأن السعودية حليف لأميركا ولكنها ليست تابعة لأي دولة في العالم، فهي تبني تحالفاتها وشراكاتها وفق مصالحها التي تبنى على مكانتها كدولة ذات بعد دولي بموقعها الإسلامي، ودولة ذات مكانة عالمية بتأثيرها الاقتصادي، ودولة تقع في محيط جغرافي استثنائي، ودولة تمتلك التأثير السياسي الإقليمي والدولي والمبني على كل تلك المعطيات السابقة بجانب الكثير من المعطيات السياسية الفرعية المنتشرة التي تمتلكها السعودية.
وفقاً لهذه الحقائق عن السعودية ومكانتها فإنه من السذاجة أن تقوم صحيفة أميركية مثل بوليتيكو بنشر مقال يتعامل مع الحقائق السياسية وكأنها قصة يسهل تغيير شخوصها وأحداثها لمجرد الإثارة أو تغيير المسارات السياسية، لقد اعتقدت الصحيفة وكاتبة المقال أنها تتحدث عن حقائق غامضة عندما تتحدث عن الاتفاق السعودي الأميركي وهو أمر نناقشه نحن الكتاب في السعودية منذ زمن طويل وأنا أحد الذين كتبوا في هذا الموضوع، وهو متداول إعلامياً بحكم التحولات التي كانت أميركا تحاول فرضها على المنطقة وأنها سوف تنسحب من المنطقة، وذلك قبل أن تعود أميركا مجبرة إلى المنطقة بعد أحداث السابع من أكتوبر.
لا يمكن أن نجد تسمية لما فعلته هذه الصحيفة والكاتبة سوى القول إنها محاولة للتلاعب بالحقائق التي تنشرها عن السعودية بطريقة هدفها الإثارة فقط وليس أكثر، والرسالة الواضحة التي أرغب نقلها في هذا المقال إلى الصحيفة والكاتبة تقول: "إنه من السذاجة أن يتم الحديث عن مملكة عمرها ثلاثة قرون بهذه الطريقة، هذه المملكة عاشت بقياداتها التي لم تمثل نفسها يوماً من الأيام فكل القيادات السعودية عبر التاريخ تتحدث عن السعودية كمملكة وكشعب وخاصة في الدولة السعودية الثالثة، ومن لم يقرأ التاريخ السياسي السعودي بعمق فلن يتمكن من فهم السعودية وسوف يقع في مصيدة القصص المختلقة حول السعودية كما وقعت هذه الصحيفة وكاتبتها والتي لابد من محاسبتها بطريقة تتناسب معها".. المطلوب من جهاتنا الإعلامية الرسمية أن تدرك أن السعودية اليوم مختلفة ولديها القدرة على تصحيح ما يكتب عنها، ولعل أقل ما يمكن عمله إذا لم تعتذر الصحيفة أن يمنع كل من له علاقة من قريب أو بعيد بهذه الصحيفة من دخول السعودية.




http://www.alriyadh.com/2090256]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]