إن عملية مراجعة نتائج ميزانية الدولة أمر إيجابي، لأنه يوضح كيفية أداء الحكومة بشكل عام من الناحية المالية التي هي أساس كل عملية تنموية شاملة، في النهاية فإن كل عمل تقوم به الحكومة يكون مقابل مصروفات مالية، والميزانية التي تعد نهاية كل عام وتعتمد هي ميزانية تقديرية، تعتبر كمرجعية لضبط عملية الإنفاق بشكل عام، وهنا يأتي التقرير المالي مع نهاية كل ربع سنوي، ونحن الآن في الربع الثاني والذي يشمل الأشهر من الرابع وحتى نهاية السابع، وهي نتائج أرقام فعلية، وهنا تبدأ المقارنة بين المقدر وبين الفعلي، والانحرافات التي تنتج تكون إما أعلى من التقديري أو أقل، ولكل نتيجة لا بد من توضيح وتبيان السبب، فلو قدرت نفقات مشروع معين برقم وكانت المصروف الفعلي أقل، فإنه يلزم أن يتم توضيح السبب في انخفاض الفعلي عن المقدر، قد يكون لأسباب متعددة، أحدها أن التقدير كان أساسه أن يكون مرتفعاً، أو أن هناك سبباً آخر لا بد من تبيانه وتوضيحه.
مع الأخذ بعين الاعتبار وبشكل رئيس حجم المشاريع التي تنفذها المملكة وحجم العائد من ورائها عند الانتهاء من تنفيذها وتشغيلها، بمعنى أن حجم الإنفاق حين يرتفع فهذا يعني أن هناك إنجازات تتحقق، ولكن نتائج الربع الثاني من العام 2024 أعطت بعض النتائج الرئيسة منها على سبيل المثال لا الحصر: ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 27 % مقارنة مع الربع الأول، هذا يعني أننا بدأنا فعلياً بقطف نتائج الرؤية 2030، وسياسة المملكة الاقتصادية بقيادة سمو ولي العهد نحو إحداث التوازن في مصادر الإيرادات العامة لخزينة الدولة، وإنهاء مرحلة هيمنة وسيطرة الإيرادات النفطية على اقتصاد المملكة.
في الربع الثاني بلغ العجز المالي 15.3 مليار ريال، وهذا أمر طبيعي جداً، لأن واقع هذا العجز أتى من إيرادات في الربع الثاني وصلت إلى 353 مليار ريال، ومصاريف 369 مليار ريال، ونحن نعلم أن حجم الإنفاق على مشاريع الدولة مؤخراً ارتفع، وعادة ما يكون في الربع الثاني والثالث من السنة المالية، لكن بالحديث عن العجز الفعلي للربع الثاني، لا بد من الإشارة إلى ميزانية النصف الأول الفعلية للعام 2024 والمقدرة بداية العام العجز 28 ملياراً هو يعادل 35 % من المقدر للعام الجاري ككل والذي سبقة وتقديره بـ79 مليار ريال، وإن كان لا بد من توضيح فعلي لسبب الانخفاض بالعجز الفعلي عن المقدر، لكن لا بد من الإشارة إلى أن سياسات ضبط الإنفاق ناجحة، وهدر المال العام أصبح في مستويات متدنية، وترشيد الاستهلاك بشكل عام ضمن خطط وبرامج حكومية موجهة ودقيقة كلها ناجحة لغاية الآن.
لا بد من التوضيح نظرياً بخصوص العجز المالي، وحسب تصريحات معالي وزير المالية محمد الجدعان الذي أوضح سابقاً أن سياسة الحكومة فيما يتعلق بالعجز المالي في الميزانية بأنه «مقصود وبنسب مستدامة وأهداف تنموية اقتصادية، وليس عجزاً إجبارياً كما هو الحال في بعض الدول التي تضطر للاستدانة لتلبية نفقات أساسية قد لا تكون منتجة»، بمعنى أنه يمكننا فعلياً تغطية هذا العجز، ولكن فكرة العجز دائماً حين تكون مقصودة، كما ذكر معالي وزير المالية، تكون دائمًا في سياسة ضبط الإنفاق، الاستخدام الأمثل للموارد، والبحث عن النفقات الإنتاجية ذات الاستدامة والقدرة على تحقيق إيرادات غير نفطية بطبيعة الحال.
كذلك لا بد من تبيان أن الإيرادات النفطية في النصف الأول من العام 2024 بلغت 395 مليار ريال بنمو 10 %، كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية 6 % مسجلة 252 مليار ريال، وذلك مقارنة مع النصف الأول من عام 2023، نمو الإيرادات بشكل عام، وغير النفطية بشكل خاص، يعطي مؤشراً على قوة الاقتصاد ونجاعة السياسات المالية.
لدينا رؤية وطنية تحقق الأهداف بتميز ونجاح، وأهم شيء في رؤيتنا المباركة 2030، أنها حققت لنا مبادئ رئيسة في عالم السياسات المالية والاقتصادية، وهو توقع المستقبل والتخطيط السليم على الأقل لخمس سنوات قادمة، مازلنا في عملية تطوير جارية للمنظومة التشريعية المالية بشكل عام، وحققنا تقدماً لافتاً في التحول الرقمي، ومازال لدينا الكثير من الأهداف التي حين نحققها فإننا سنصل إلى مرحلة متقدمة من تعظيم الإيرادات وتخفيض النفقات العامة للدولة بشكل عام.




http://www.alriyadh.com/2090441]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]