ليس غريباً أن يتبنى المستهلكون سلوكيات مختلفة في بيئة اقتصادية مضطربة، لكن الغريب هو عدم قدرة بعض تجار التجزئة على التكيف مع هذه التغييرات المتلاحقة، والحل الأمثل يكمن في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشفافة، حيث يمكن عن طريقه ضرب عدة عصافير بحجر واحد، مثل تحقيق طفرة في المبيعات، وتحسين إدارة المخزونات، والتنبؤ باتجاهات السوق، واكتساب ميزة تنافسية، ولهذا، يصل حجم استخدامات الذكاء الاصطناعي في سوق التجزئة اليوم إلى 9.6 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يلامس 38.9 مليار دولار بحلول 2030، ومع ذلك، لا يجب أن نسرف في التفاؤل، لأن تطبيقه في قطاع التجزئة يواجه عراقيل، والتحدي الأكبر الذي يواجه تجار التجزئة هو قدرتهم على تلبية توقعات الزبائن في الحصول على منافع استهلاكية أكبر، وتوفير اختيارات متنوعة.
لا يزال تجار التجزئة غير متأكدين بشأن عائد استثمارهم في استخدام البيانات والتقنيات الفائقة، إلا أن التجريب، وتنفيذ خطوات صغيرة لحل مشكلات محددة مع شريك تكنولوجي مناسب، يساعدان التجار على تحقيق نتائج بيعيه ممتازة، وعلى سبيل المثال، أثبتت الدراسات الاستقصائية أن دمج مساعدي التسوق الشخصيين الذين يعملون بالذكاء الاصطناعي يحقق نتائج مبهرة، والواقع، أن قيام تجار التجزئة بتحليل بيانات التسوق التاريخية لتزويد المتسوقين بالتوصيات والعروض، وتنظيم البضائع التي تناسبهم بشكل لا تشوبه شائبة، وإنشاء تجارب فريدة للتسوق الافتراضي داخل المتاجر، بالإضافة إلى التنسيق والتكامل بين خدمة العملاء والذكاء الاصطناعي، كل هذه الأمور من شأنها الإجابة عن استفسارات الزبائن في وقت قصير، مما يرفع كفاءة التشغيل، بسبب سرعة تقديم الحلول، وتوفير وقت المستهلكين.
باستطاعة الذكاء الاصطناعي تحويل البيانات إلى رؤى قابلة للتنفيذ، مما يمكن التجار من تحسين العروض الترويجية وتخصيص الموارد، والتكيف بسرعة مع المشهد الاستهلاكي دائم التطور، وبالمثل، فإن الجودة العالية للبيانات تعتبر أمرًا ضروريًا لضمان أداء الذكاء الاصطناعي بمستوى عال، ودفع الابتكار وتعزيز تجارب العملاء واكتساب ميزة تنافسية، ولهذا السبب يدرك تجار التجزئة أنهم يستثمرون في تنظيم وتحليل بياناتهم لتعزيز العروض الحالية، وتقديم حلول جديدة، واتخاذ قرارات تجارية مستنيرة، إلا أن توالي الهجمات السيبرانية خلال السنوات الأخيرة، خلق أزمة ثقة بين بعض تجار التجزئة مخافة تسريب البيانات، هذا بالإضافة إلى عدم استقرار حلول الذكاء الاصطناعي، والتي تنتج أحياناً مخرجات مضللة أو غير دقيقة.
تفرض أزمة الثقة هذه، على قطاع التجزئة إنشاء حواجز حماية مسؤولة وشفافة بشأن اعتماد الذكاء الاصطناعي، وتنفيذ تدابير أمنية قوية تشمل التشفير وضوابط الوصول، بالإضافة إلى التواصل الشفاف مع المستهلكين حول حقيقة الهدف من استخدام البيانات، في الوقت نفسه، لا بد من تحسين مهارات الموظفين في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وهذا الاهتمام بالعنصر البشري يدحض الأسطورة القائلة بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحل محل البشر، حيث تؤدي أتمتة المهام الروتينية إلى لفت نظر الموظفين إلى الجوانب الأكثر أهمية في أدوارهم الوظيفية، في حين تسمح لأصحاب الأعمال بتخصيص الموارد بكفاءة، وباعتقادي، فإنه يجب على تجار التجزئة، ممن فاتهم قطار التقنية، أن ينظروا إلى الذكاء الاصطناعي على أنه يمثل جزءاً جوهرياً من استراتيجية أعمالهم، فعن طريقه، يمكنهم كسب ولاء المستهلكين، والازدهار وسط المنافسة، ووضع خطط نجاح مستقبلية.
http://www.alriyadh.com/2090601]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]