عندما قرر الملياردير خورخي ماس وشقيقه خوسيه المالكان الرئيسان لنادي إنتر ميامي الأميركي مع شريكهما الثالث الإنجليزي ديفيد بيكهام التعاقد مع الأسطورة الأرجنتينية الحية ليونيل ميسي كان الثلاثي يدرك جيدًا أنه سيتنازل عن كثير من صلاحياته وسلطاته لهذا اللاعب الذي فرض على ملاك النادي الأميركي قبل حتى أن يوقع رسميًا التعاقد مع صديقه المدرب الأرجنتيني تاتا مارتينو، ثم جلب معه بعضًا من رفاق دربه في برشلونة (ألبا، سواريز، بوسكتس) ليتقاعدوا معه في النادي الأميركي المغمور.
ميسي استطاع بمجرد توقيعه مع إنتر ميامي أن ينقل هذا النادي الصغير المغمور على مستوى القارة الأميركية بل وعلى مستوى الولايات المتحدة إلى نادٍ يعرفه كل عشاق كرة القدم في العالم، وأصبحت قمصان الفريق منتشرة في كل أنحاء العالم بعد أن كانت لا تجد من يلتفت لها حتى في مدينة ميامي، والأكيد أنَّه حقق لهذا النادي الصغير نقلة إعلامية وشعبية لم تكن لتتحقق له بهذا الحجم وبهذه السرعة مع غير ميسي؛ لكنَّ المقابل لهذه الصفقة لم يكن مالًا فقط، بل كان مع المال الكثير من المزايا التي تضمنها العقد وفرضها ميسي على ملاك النادي وأهمها أن يكون الحاكم بأمره وصاحب القرار الأول والأخير في الشأن الفني وتعاقدات اللاعبين.
هذه الحالة الملكية التي يعيشها ميسي في أواخر عمره الكروي لا يستطيع أن يعيشها إلا مع نادٍ يبحث عن وهج وضوء وإعلاء للشأن وأمور يستطيع ميسي وحده أن يقدمها له؛ في مقابل أن يقضي ميسي آخر أيامه الكروية لاعبًا بمرتبة رئيس، وهو ما لم يكن من الممكن أن يحصل عليه في أندية كبيرة لا ترضى بالتضحية باستقلاليتها ومنظومتها الإدارية وثقافتها وأدبياتها التي صنعتها على مدى عقود مقابل ارتباط اسمها باسم لاعب مهما كانت نجوميته وشهرته وشعبيته!.
لذلك يرى كثيرون أنَّ الهلال كان محظوظًا بعدم إتمام صفقة الأعجوبة ميسي؛ ليس لأن حضوره لم يكن سيشكل إضافة فنية وإعلامية وجماهيرية، بل لأنَّ حضوره بهذه الحالة الملكية كان سيتعارض مع أسس وقيم هلالية لا يمكن للهلاليين أن يتنازلوا عليها، فالهلاليون يؤمنون بأنَّ الهلال ناد عظيم وكبير -وهو بالفعل كذلك-، ويؤمنون أنَّ زعيم آسيا وكبيرها ووصيف العالم ليس كيانًا مغمورًا على مستوى العالم وعلى مستوى قارته، وليس بحاجة لاعب يصنع له قيمة مهما كان حجمه، لذلك كان حضور ميسي للهلال سيضع مسيري النادي في ورطة كبيرة بين هدم كل ما بناه الهلاليون في عقود وبين التصادم مع ميسي ورغباته وشروطه والدخول معه في صراع على السلطة وصناعة القرار!.
أمَّا وقد منح ميسي النادي الأميركي وملاكه وجماهيره ما يريدون من شهرة وصنع لناديهم اسمًا ومكانة وقيمة وشعبية في عالم كرة القدم بعد أن كان مجهولًا؛ فعليهم أن يدفعوا بنفوس راضية كامل فاتورة ما قدمه ويقدمه لهم، وأن يحترموا كل قراراته، وأن يكفوا عن التذمر من قناعاته ورغباته، وليس من حقهم مزاحمته على صناعة القرار، ومشاركته في تحديد مصير المدرب، ونوعية اللاعبين الذين يشاركون معه، فالصفقة كانت واضحة، وجمهور وإعلام إنتر ميامي كان يدرك كل هذا، والجميع حينها كان راضيًا ويضحك ملْ شدقيه، و»من أكل حلاويها.. تلقى شرورها»!.




http://www.alriyadh.com/2091230]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]