مع بداية كل عام دراسي، يكاد يكون المحتوى الإعلامي والصحافي واحداً مكرراً، وربما يكون نفس الكتّاب والصحفيين والبرامج التلفزيونية، وكذلك الضيوف، قد يرى البعض أن هذا إفلاساً إعلامياً صحافياً، فيما يرى إعلاميون أكاديميون أن الصحة المدرسية مادة ذات اهتمام شعبي كبير، لذا فمن الطبيعي أن تحظى بهذا الزخم على الشاشات والصفحات الورقية والإلكترونية، وقد تكون لي وجهة نظر تختلف بعض الشيء، لأنني أرى أن اهتمام الدولة بهذه المنظومة يفوق كل الحدود، فإذا كانت الصحة المدرسية تتبع وزارة التعليم في وقت سابق، فنجد أن مجلس الوزراء أحال هذا الملف المتخصص من فترة طويلة إلى وزارة الصحة، مع الإبقاء على عدد من المجالات تحت مظلة وزارة التعليم، وهذا شيء جيد، ولكن لماذا التناول بهذا الزخم؟ باختصار لأننا لم نلمس الدور الفاعل للوزارتين في إدارة هذا الملف، إلا على استحياء، دون رقابة حقيقية، ومتابعة لتلك العملية الرقابية.
لا يخفى على أحد معاناة الطلاب من أثقال الحقيبة المدرسية، التي ينصح الخبراء في هذا المجال، بعدم تجاوزها 3 كلجم، ولكن للأسف تجد أطفالاً يئنون تحت تلك الأحمال، مع وجود ملاحظة، أن المدارس وضعت الجداول الدراسية، بمعنى أن الأطفال أو الطلاب يلتزمون بالجدول الدراسي وأعداد الكتب والدفاتر وأدوات النشاط المطلوبة في كل فصل، ولكن الأحمال مازالت موهنة لقوى الطلاب، ومنذرة بعواقب وخيمة على أقدام وعظام والأعمدة الفقرية ورقاب وأكتاف الشباب الصغير طلاباً وطالبات، الأحمال ثقيلة يا سادة، وهذا الأمر متكرر، كما تتكرر الاستغاثات مع كل عام دراسي جديد.. ولا جديد.
ورغم ذلك هناك جانب مشرق، أو هكذا أراه، وهو الحرص على الملف الطبي –وإن كان يستحق اهتماماً أكبر– وإجراء الفحوصات على الأطفال قبل الالتحاق بدور الحضانة، والسنوات الابتدائية الأولى، والسؤال: هل يتم الالتفات لهذا الملف الطبي لكل الطلاب خلال العام الدراسي والأعوام التي تليه؟ أم أنه من مسوغات القبول في دور الحضانة والمدارس الابتدائية؟
النقطة الأهم التي تشغل بال المتخصصين إعلامياً وصحافياً وعلى قنوات التواصل، الصحة الغذائية؛ إرشادات تقدم للأمهات والآباء بأهمية وجبة الإفطار، ومكوناتها، والسعرات الحرارية، لمحاربة ما يسمى بسمنة طلاب المدارس، التي تفاقمت وتتفاقم، في حين أن الرقابة على المقاصف في المدارس أو بعضها حتى نكون منصفين، تحتوي على ما لذ وطاب من الممنوعات التي حذرت منها وزارة الصحة في نشراتها وأخبارها ومداخلات مسؤوليها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
نعم اعتمد مجلس الوزراء نقل الإدارة العامة للصحة المدرسية ووحدات الصحة المدرسية من وزارة التعليم إلى وزارة الصحة، واستثنى خمس خدمات صحية تبقى خدماتها الصحية تقدمها التعليم، كالتربية الصحية والبدنية، وفحص اللياقة، وتعزيز الصحة، الإصحاح البيئي، والصحة المهنية للعاملين في المدرسة، التوعية الغذائية، تقديم الإسعافات الأولية داخل المدرسة، الصحة النفسية والإرشاد، والسؤال: هل مدارسنا لديها الكوادر التي تستطيع التعامل مع هذه التخصصات؟ إن كانت الإجابة بنعم، آمل أن نطّلع على البرامج المعنية –مثلاً- بالصحة المهنية للعاملين في المدرسة، والصحة النفسية والإرشاد.
إن وزارة التعليم في توجيهاتها التي تصدرها مع بداية كل عام دراسي، والمحاذير من نوعيات أطعمة، مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والدواجن والأسماك، اللحوم المعالجة مثل اللانشون، والبرجر دوج، والمرتديلا التي تحتوي على مواد حافظة قد تكون ضارة بالصحة، والكعك الذي يحتوي على نسب عالية من الدهون والسكريات، والأطعمة المقلية، إضافة إلى حظر الكاسترد أو الشوكولاته أو التوفي أو الفانيليا، ومنع تقديم الآيس كريم، أضف إلى ذلك المشروبات محظورة، أو ما يسمى بالمياه "المكربنة" –التي تحتاج شرحاً وإيضاحاً- والعصائر التي تحتوي على نسبة عصير فاكهة تقل عن 30% أو التي تشمل ألوانًا صناعية، وكذلك شراب الفاكهة الذي يحتوي عادة على كميات كبيرة من السكر والمواد الصناعية، والكريمات الصناعية.
القائمة تطول، وهذا شيء إيجابي، ولكن هل تتم المراقبة لمنع تلك المحظورات؟ وما البدائل الصحية لها؟ فإذا كانت لديك سلطة المنع فبالتالي لديك سلطة المنح.. الأمر مهم ويحتاج تكاتفاً ووعياً شعبياً، ووسائل إقناع للفئات العمرية المستهدفة.
إن مشكلة تسوس الأسنان التي تسببها الحلويات من أخطر المشاكل الصحية على الطلاب، وأيضاً على خدمات الأسنان في وزارة الصحة، فأين الدور الوقائي، وكذلك الدور الرقابي خاصة على المدارس الأهلية والخاصة، يجب أن تكون هناك زيارات ميدانية للمدارس لتعزيز الجانبين الرقابي والوقائي.




http://www.alriyadh.com/2092093]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]