ما علاقة المسرحي السعودي بمجتمعه المحلي، هل حقق حضوراً فاعلا، تاركاً أثراً اجتماعياً واضحا؟
للإجابة المسرح له تأثيران، أثر مباشر يتحقق جراء عرض المسرحية منعكساً على جمهور المشاهدين والمحيط الاجتماعي الذي شاهد العرض، وقد حدث هذا التأثير المباشر في مسرحيات سعودية سابقة، تركت أثرها في حينه، منها على سبيل المثال لا الحصر المسرحيات (قطار الحظ - تحت الكراسي - المقاول، الدراهم مراهم، عقاقير، عقارات، مع الخيل يا عربان) وقبل ثلاثة أعوام مسرحية (الذيب في القليب)، وهي عروض ثبتت في ذهن المشاهد السعودي وانعكست ايجاباً على رؤيته لحضور المسرح السعودي في مجتمعه، أما الأثر الغير مباشر هو الذي تحقق عبر امتداد التجربة المسرحية أتت نتيجة طبيعية لتراكمها جيل بعد جيل، لكن ما الذي حدث إذن خلال امتداد هذه العلاقة؟ وكي لا نظلم الجهود المسرحية السعودية الأخرى، ندرك أن هناك جهوداً مسرحية كبيرة بذلها مسرحيون سعوديون يملكون ادواتهم المسرحية بجدارة، ولكن هذه الجهود لم تتمكن من وضع المسرح ضمن برنامج المجتمع السعودي اليومي بوصفه ثقافة يومية، ولكي تتضح فكرة التحول بالمسرح نحو الثقافة المجتمعية اليومية سأضرب مثالا بدولتين عربيتين تمكن فيها المسرحيون من جعل فن المسرح ضمن برنامج المواطن اليومي، وهاتان الدولتان هما مصر والكويت، المصريون يتعاطون مع المسرح بوصفه حالة فرجة متوفرة في المسارح التي تفتح أبوابها بشكل يومي، وقد تجد بائع الخضار ينتهي من عمله ويدخل الى عرض مسرحي، وأيضا الكويت المسارح فيها ضمن برنامج الأسرة الشهري على أقل تقدير، هنا يصبح المسرح ذراعا من أذرعه الحياة الاجتماعية وتنمية المجتمع، هذا يقودنا لسؤال آخر لماذا لم يتحقق ذلك لمسرحنا الاجتماعي حضورا مجتمعيا مؤثرا ؟ الإجابة تتلخص في ثلاثة أسباب أدت الى حالة الانسحاب المسرحي من الحياة الاجتماعية السعودية، أولا : التحول عن مرحلة قوة حضور المسرح اجتماعيا التي عشناها في السبعينيات والثمانينات، حيث كانت القضية الاجتماعية هي فرس الرهان في المسرح السعودي، فارتبط المسرح بقضايا فوارة في مجتمعنا وكان مواكبا لكل حدث، مع وجود المسرحية الاجتماعية التي جذبت الناس وصنعت جمهوراً مسرحياً تفاعل مع الصناعة المسرحية في معظم مناطق المملكة، الثاني: مع حلول التسعينيات الميلادية حدث تحول كبير، جاء تشكل بعد بداية المشاركات المسرحية الخارجية للمسرح السعودي، الثالث: تضاءل حضور المسرح الاجتماعي وتصاعد حضور ما يسمى بالمسرح النخبوي، بقضاياه ذات البعد الفني التجريبي بسوداويته شكلاً ومضمونا، فبدأت تتسع الفجوة بين المسرح السعودي الجماهيري ومجتمعه، بحيث صار مسرح نخبة لقلة قليلة من المهتمين، مسرح ليس له جمهور عريض في المجتمع، استمرت هذه المرحلة ثلاثة عقود من الزمن وما تزال، مما وسع الفجوة بين المسرح السعودي ومجتمعه، المسرح السعودي النخبوي يشارك في هذه الفترة بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، أما مسرحنا الاجتماعي فلا عزاء لجمهوره.




http://www.alriyadh.com/2092628]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]