من بين الموضوعات التي يتم تناولها بشكل متكرر في الأوساط الأكاديمية في الآونة الأخيرة هي نزاهة البحث العلمي والتجاوزات المتعلقة بالنشر. غالبا ما يلام الباحث بالمقام الأول عند حدوث هذه التجاوزات، والتي قد تصل إلى سحب الورقة المنشورة، وهذا منطقي كونه الشخص المسؤول عن هذا العمل، لكن يجب أن أنوه أنه وفي نفس الوقت، يجب علينا أن لا ننسى مسؤولية المجلات العلمية في المحافظة على جودة النشر، حيث يعول على هذه المجلات قيامها بعملية التحكيم العلمي بكفاءة والتحقق من مصداقية الدراسات المنشورة، خاصة وأنها تتقاضى رسوما عالية مقابل النشر. عموما، كما ذكرت، ثبوت مثل هذه التجاوزات يؤثر سلبًا على الباحث، كما يمتد التأثير أيضًا إلى الجهة التي ينتمي إليها. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لانتشار هذه التجاوزات بشكل واسع محليًا، كما يظهر في تقارير سحب الأوراق العلمية العالمية، فإن هذا يؤثر سلبًا على صورة البحث العلمي في المملكة.
بالطبع، هناك من يمارس هذه التجاوزات عمدًا لتحقيق مكاسب وظيفية أو شخصية، وهذه ليست الفئة التي نناقشها في هذا المقال. أعتقد أن عددًا كبيرًا من المخالفين قد ارتكبوا هذه المخالفات بسبب نقص المعرفة أو قلة الخبرة بقواعد النشر العلمي. حيث إنه من الوارد في غياب الإشراف الكافي أن يقع طلاب الدراسات العليا في مختلف التخصصات العلمية، أو الباحثون الجدد في المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث والمستشفيات في هذه الممارسات الخاطئة. ولعل أكثر المخالفات شيوعا هي المخالفات التي تتعلق بكيفية التعامل مع الاقتباسات والاستشهاد بالمصادر بشكل صحيح وتجنب السرقة الأدبية (البلاجياريزم). بالإضافة إلى المخالفات المتعلقة بالتأليف والمساهمة، وتحديد من يستحق أن يكون مؤلفًا والشفافية في الإفصاح عن الإسهامات. وأخيرا، المخالفات ذات صلة بإجراءات الإفصاح عن أي تعارض مصالح محتمل، وكيف يمكن أن يؤثر على البحث.
لذلك من المهم مراجعة التقارير العالمية المنشورة مؤخرا حول النزاهة العلمية وفهم المؤشرات المستخدمة للوصول إلى التقييم النهائي، لأن ذلك يساعدنا في التحقق من دقة كل تقرير وتحديد أوجه الخلل التي يجب معالجتها. كذلك، من المجدي إجراء بعض المسوحات على مستوى المملكة لفهم الممارسات المحلية الشائعة والتي قد تؤدي إلى ارتكاب مثل هذه التجاوزات.
وأخيرا، بناء على هذه المعطيات، يتم تنظيم الجهود على مستوى الجامعات والمراكز البحثية للحد من هذه الممارسات وذلك من خلال التعريف بقواعد النشر العلمي.
إن الحد من هذه التجاوزات سيساهم بشكل فعال في الارتقاء بالحركة البحثية في المملكة بشكل عام، كما أنه سيحمي باحثينا الشباب من أن يقعوا في أخطاء قد تؤثر سلبًا على مسيرتهم المهنية في المستقبل.
*عالمة أبحاث




http://www.alriyadh.com/2093712]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]