يعد الرئيس التنفيذي حجر الزاوية في الشركة؛ لأنه المسؤول الأول عن نجاحها وتحقيق أهدافها، ورسم طريقها المستقبلي على المدى الطويل باستخدام مهاراته وخبراته التراكمية في مختلف المجالات لتطوير الشركة وزيادة نموها، فهو القائد الملهم بأفكاره التي تجعل الشركة تنمو وتطور متحدية بيئة العمل المتغيرة والمتنافسة.
وفي تقرير نشره موقع "فوربس" الأميركي رصد مجموعة من الخبراء أهم المهارات والخصائص التي يجب أن يتسم بها الرئيس التنفيذي الناجح: أولها القيادة؛ فبحسب تقرير نشره موقع "ريسورسز فور إمبلويرز" الأميركي يمثل الجانب القيادي والإداري 80 % من مهارات الرئيس التنفيذي المحترف. ثانياً- إدارة حكيمة للوقت. ثالثاً- امتلاك مهارة التعامل مع الآخرين. رابعاً- وضع الأهداف وفق معدلات النمو والتطور الخاصة بالشركة. خامساً- صياغة خطة محكمة لتحقيق أهداف الشركة وفق جدول زمني وتكلفة محددة. سادساً- الرصد والمتابعة لمستوى الأداء مع المحافظة على الجودة والتنافسية. سابعاً- بالمهارات التحليلية التي يمتلكها يقيس نسب التحقق والإنجاز. ثامناً- أن يمتلك رؤى استراتيجية؛ فهو المسؤول عن عمليات الدمج والاستحواذ وإطلاق المنتجات الجديدة واستهداف شرائح جديدة من العملاء.
لا شك أن من يمتلك هذه الصفات والخصائص يتمكن من قيادة أي شركة أو مؤسسة إلى النجاح، ويكتب اسمه ضمن قائمة أفضل الرؤساء التنفيذيين في العالم، مثل "بريان موينيهان" الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة "بنك أوف أميركا" الذي تصدر قائمة أفضل الرؤساء التنفيذيين في العالم لعام 2024م بحسب مجلة "سي إي أو ورلد"، وجاء معالي المهندس أمين حسن الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو في المركز الثالث عالمياً، والأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحسب قائمة فوربس، وارتكز التصنيف على النظرة طويلة المدى لأداء الأعمال، والعوائد المالية التي حققتها الشركة. وهنا أود أن أشير إلى اسم لامع بين الرؤساء التنفيذيين قديماً وحديثاً هو وارن بافيت، هذا الرجل التسعيني الحكيم الذي حول بيركشير هاثاواي من شركة نسيج صغيرة إلى واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم، وقد تردد اسمه في الآونة الأخيرة كثيراً عندما تخارج من أسواق الأسهم ورفع السيولة النقدية لشركته إلى 277 مليار دولار قبل نحو شهرين من انهيار سوق الأسهم العالمي يوم الاثنين 5 أغسطس الماضي.
إن من أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فشل الرئيس التنفيذي عدم قدرته على تطوير المنتجات، ومحدودية رؤيته في اكتشافه الفرص الاستثمارية، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ضعف نمو المبيعات، وعندها يبدأ أصحاب رؤوس الأموال بالبحث عن قائد جديد للشركة، كما حدث مع مارك شنايدر الرئيس التنفيذي لأكبر شركة تصنيع أغذية في العالم "نستله"، الذي تم فصله بسبب ضعف نمو المبيعات وتباطؤ تطوير المنتجات بحسب شركة نستله. وفي عام 1990م كان كاي وايتمور رئيساً تنفيذياً لشركة كوداك، أشهر شركة تصوير فوتوغرافي في أميركا خلال القرن العشرين، إلا أن وايتمور لم يأخذ تطور التكنولوجيا الرقمية على محمل الجد وفشل في الاستثمار فيها، مما أدى إلى تراجع شركة كوداك بشكل كبير مع بدء الهيمنة الرقمية على العالم، وتم فصل وايتمور من منصبه بعد 3 سنوات بسبب فشله التام في رؤية الفرص الاستثمارية في العالم الرقمي، بحسب مجلة سي إي أو.
فالرئيس التنفيذي هو من يضع الرؤية المستقبلية للشركة، ويحدد رسالتها التي تجعلها مميزة عن غيرها، كما أنه يضع الخطط الاستراتيجية لمسار الشركة على المدى الطويل، من خلال دراسة المنافسين له في السوق وتخطيطه المحكم وإدارته الرشيدة؛ وكل ذلك يكون تحت إشراف مجلس الإدارة الذي يقع على عاتقه مراقبة أداء الشركة ومراجعة التقارير المالية، وهو الضامن لامتثال الشركة لجميع القوانين واللوائح المعمول بها، ويقيس مدى كفاءة الرئيس التنفيذي وفريقه في قيادة الشركة، ومساعدته في اتخاذ قرارات أفضل من خلال تقديم وجهات نظر مختلفة، والتأكد من تنفيذ استراتيجية الشركة بشكل صحيح، فهو بمثابة جرس إنذار يقدم المشورة والتوجيه عند الحاجة.
القيادة هي فن التأثير في الآخرين لزيادة الإنتاجية وتنشيط الابتكار من أجل تحقيق أهداف واستراتيجية المؤسسة أو الشركة، وحتى نصنع جيلاً من القادة قادراً على قيادة المؤسسات والشركات المحلية والارتقاء بها إلى مصاف العالمية، أتمنى العمل على تطوير ورفع مستوى الكليات والمعاهد المختصة بإدارة الأعمال والاقتصاد والمحاسبة لتخريج قادة ورواد أعمال متسلحين بالكفاءات والمهارات والخبرات اللازمة لقيادة المؤسسات والشركات سواء العامة أو الخاصة بما يحقق غاياتها وأهدافها الوطنية، من خلال ربطها بالجامعات العالمية الرائدة في مجال إدارة الأعمال مثل جامعة أكسفورد وكامبريدج في بريطانيا، وجامعة ستانفورد وهارفارد وبيركلي في أميركا، وتنظيم فعاليات وبرامج لإعداد القادة التنفيذيين واستضافة كبار القادة التنفيذيين عالمياً للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، وهنا تجدر الإشارة إلى برنامج قادة 2030م الذي أطلقته "مسك" عام 2021م، ويهدف إلى تنمية وصقل مهارات القياديين السعوديين ممن يشغلون مناصبَ قيادية في المملكة من مختلف القطاعات بالشراكة مع أكاديميين دوليين وشركات عالمية؛ لتعزيز مهاراتهم ومعارفهم القيادية وتحقيق المرونة الفكرية والسلوكية لتوظيف الأفكار الخلاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف وبرامج رؤية 2030م التحولية والتنموية التي من شأنها أن تسهم في نقل المملكة نحو تعزيز مكانتها على الساحة العالمية في مختلف المجالات، وأيضاً إعلان كاوست بدء برنامج الماجستير في الابتكار التقني وريادة الأعمال الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، حيث يحصل الطلاب على خبرات تقنية متعددة في مجالات متعددة، ويتيح لهم قيادة مشروعات مبتكرة وإنشاء شركات ناشئة، والأهم أن البرنامج صمم لتنمية ثقافة الابتكار والتعلم المستمر، ويتميز هذا البرنامج بارتباطه مع منظومة الابتكار في شينزن الصينية الرائدة في مجال الابتكار والتقنيات الحديثة.
أخيراً، نحن نعيش في عالم متطور، يعتمد على عقول بشرية مدربة ومتعلمة، ولدينا في المملكة قوة شبابية كبيرة ومتعلمة، ينبغي علينا تأهيلهم أكاديمياً ومهنياً للحياة العملية المعاصرة لإعداد جيل من القادة والرؤساء التنفيذيين الذين يمكن الاعتماد عليهم في قيادة مرحلة النمو والتطور التي تشهدها المملكة في النواحي كافة، وأختم بقول الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-: "لدينا عقليات سعودية مبهرة ورائعة جداً، خاصة في جيل الشباب، طاقة قوية شجاعة، ثقافة عالية، احترافية جيدة وقوية جداً، ويبقى فقط العمل..".




http://www.alriyadh.com/2093907]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]