بين الحين والآخر تكثر حالات الجدل حول المياه المستخدمة للشرب في المملكة، ونسمع من شخصيات مسؤولة وعلى علم كبير وسمعة طيبة، أن مياه الشبكة العامة في البلاد آمنة وصحية –وفقاً لمصادر دولية معتمدة متخصصة في هذا الشأن– لأنها موزونة الأملاح، ولا تسبب أضراراً، وهذه آراء لها تقديرها واحترامها.
على الجانب الآخر، يبدو أن هناك معركة تحطيم عظام دائرة بين الشركات المنتجة للمياه المعبأة، تُستخدم فيها جميع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، خاصة مع اقتراب انتهاء موسم الصيف –الذي تتزايد فيه عمليات البيع والأرباح الطائلة– ودخول موسمي الخريف والشتاء، الذي تتناقص فيهما الحركة الشرائية، فتلجأ الشركات لتكثيف الحملات الإعلانية؛ للحفاظ على القوة الشرائية لكل شركة.
إن المذهل في الأمر كشف أمور تقترب من الحقائق، منها أن جميع شركات المياه المعبأة تشترك فيما بينها في المواصفات القياسية، ولا فرق بين شركة وأخرى، أو أن شركة أكثر جودة من نظيراتها، حيث يشتركون في الأجهزة، والفلاتر وأجهزة التقطير والتغليف والتعبئة، والفرق الوحيد في الرقم التشغيلي والاسم فقط.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هناك فروق سعرية بين منتجات شركة وأخرى؟ كانت الإجابة الصادمة من أصحاب مصانع مياه بأنفسهم، وتمثلت الإجابة في أن لكل شركة من الشركات الـ10 الكبيرة والمشهورة قوة شرائية في السوق، تحاول كل شركة الحفاظ عليها وتنميتها بالحملات الدعائية على القنوات الفضائية ذات الشهرة العالية، والشريحة الإعلانية الأغلى، ومن ثم يتم وضع تلك النفقات على المنتج، وبالتالي يرتفع سعره عن أقرانه، في المقابل الشركات الأقل شهرة تريد أن تنافس على شريحة من الجمهور، فتلجأ لتخفيض أسعارها بشكل ملحوظ، مما يجعلها تقلل من جودة العبوات البلاستيكية، والكرتون، وكذلك وسائل التخزين، وما أخطر هذا العنصر! ومن ثم يتم تلبية طلبات الشريحة الأكبر من المستهلكين الباحثين عن السعر الأقل، دون اهتمام بعناصر الجودة، في ظل وجود شريحة من الجمهور تبحث عن الجودة أياً كان سعرها، وهل هي جودة حقيقية أم مفتعلة؟ وفي النهاية هي حروب على اجتذاب شرائح وقوة شرائية كبيرة جديدة تضمن الاستثمار، بل وتكون جاذبة لدخول مستثمرين جدد في هذا المجال الحيوي.
المعادلة الأهم في هذه القضية، أننا أمام مواصفات قياسية واحدة تشترك فيها جميع شركات التعبئة، وتختلف القيمة السعرية، مما يستدعي أجهزة معنية للتحقيق في هذا الأمر والتدقيق في المواصفات التي بموجبها حصلت كل شركة على ترخيص لهذا النشاط الحيوي، وكانت المفاجأة الأكبر التي فجرها أحد أصحاب مصانع المياه، أن هناك مكاناً واحداً يعمل في تعبئة المياه لأكثر من شركة، وحسب وصفه، يتم تقسيم ساعات العمل في اليوم الواحد بين ثلاث شركات، في الصباح شركة، وفي الظهيرة شركة، وفي المساء شركة ثالثة، ولكل شركة مواصفاتها حسب البروشور الخاص بها والمواصفات القياسية، رغم أن المكان والمنبع والأجهزة واحدة، بل هناك شركات لديهم عدد كبير من خطوط الإنتاج، تخصص منها 30 % للتعبئة للغير.
إن الأمر يستدعي تدخلاً فورياً من الجهات المعنية للتحقيق في هذا الأمر، وتشديد الرقابة على أهم منتج، بل المنتج الرئيس للحياة، والعمل على زيادة الجرعات التوعوية بالمواصفات القياسية، وأهمية ذلك على الصحة العامة، والتأكيد على صحة هذه المواصفات.




http://www.alriyadh.com/2094088]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]