وقتَ عملي بشركة يابانية في بداية مسيرتي المهنية، واجهتني تحديات صعبة ورئيس صعب المراس لا يتورع عن عمل أي شيء من إساءة للموظفين والتحامل عليهم وتكليفهم بمهام تستلزم السهر في الشركة لأيام متواصلة، كنت قد وصلت حدي وبدأ صبري ينفد وبالكاد أستطيع الوقوف على جسدي بسبب الضغط النفسي الشديد، في تلك اللحظة قابني صديقي الكوري كيم بالصدفة، وبمجرد أن رآني طلب مني أن ألحقه إلى بقالة قريبة واشترى حلوى ومخبوزات محشوة بالشوكولاتة ودعاني للجلوس وتناولها، شعرت بأن أعصابي هدأت قليلاً واستعدت بعضاً من الطاقة في جسمي. وقتها نظر إلي كيم بابتسامة وقال لي: "تذكر يا صديقي كلما واجهت مشكلة أو موقفاً صعباً فعليك بتناول الحلا فهو أفضل علاج يدفع الحزن والبلا". ورغم امتناني وشكري لكيم على وقفته في ذلك اليوم إلا أني الآن أقولها بكل ثقة، كانت تلك واحدة من أسوأ النصائح التي اتبعتها في حياتي للأسف.
بداية ولأكون منصفاً مع صديقي كيم، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن السكر الموجود في الحلويات يعمل على إفراز الإندورفين الذي يسهم في شعور الإنسان بالراحة وتحسن المزاج. كما أن الكربوهيدرات ومنها السكريات تحفز الدماغ على إفراز السيروتونين وهو من المركبات الكيميائية التي تسبب الشعور بالسعادة، ولكن وعلى الجانب الآخر فحسب دراسة لفريق بحثي من جامعة آرهوس في الدنمارك فقد تبين أن السكر متسبب في تغيرات جذرية في نظام الدوبامين ومستقبلات أشباه الأفيون في الدماغ بشكل مشابه لآثار تعاطي المخدرات التي تسبب الإدمان. ناهيك بطبيعة الحال عن إسهام التناول المفرط للحلويات والسكر في زيادة الوزن والمشكلات الصحية المختلفة خاصة إذا اقترنت بأنماط حياة غير صحية.
في الواقع، يقع الكثير من المديرين والمسؤولين في خطأ إعطاء الأولوية التامة للعمل المهني ولو كان ذلك على حساب الصحة والعائلة. وترتبط هذه النوعية من المديرين عادة بسلوكيات كالإفراط في السكريات وغيرها من العادات المضرة والقاتلة على المدى الطويل. ولن أنسى ذلك اليوم الذي قال لي فيه الطبيب: "إذا لم تغير من عاداتك وتستدرك وضعك فلن تعيش أكثر من عشر سنوات!". كانت تلك الكلمات بمثابة جرس الإنذار بضرورة عمل تغيير جذري في حياتي.
والحمد لله تغيرت الأمور تماماً، وصرت أحرص على نشر الوعي بأهمية التوازن بين الحياة والعمل ونمط الحياة الصحي. ولمن أراد بعض النصائح في التغلب على إدمان السكريات فمن ذلك الإكثار من تناول شرب الماء، الحرص على عدم تناول الحلوى وقت الجوع بل بعد الأكل الصحي، مزاولة الرياضة، النوم الجيد، المداومة على قياس الوزن والفحص الطبي بانتظام، ممارسة هوايات تجلب السعادة كألعاب الفيديو والقراءة مثلاً، الابتعاد عن التدخين والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة.
وختاماً، بالنسبة للمدير، فالرياضة والغذاء الصحي ونمط الحياة السليم ليست أموراً كمالية بل ضرورة لضمان الصحة والقدرة على العطاء بإذن الله لسنوات طويلة. فليس العقل السليم في الجسم السليم وحسب، بل المدير الناجح هو الإنسان الناجح في أسرته وصحته النفسية والجسدية وطيب تعامله مع من حوله وأدائه لمهامه ومسؤولياته وقبل ذلك كله نجاحه في علاقته مع رب العالمين.




http://www.alriyadh.com/2094278]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]