كل ما نتمناه هو أن تتطور خدمات البلديات بشكل أفضل في الفترة المقبلة، خصوصاً في مجال سفلتة الشوارع والحفريات، بالإضافة لأعمال الصيانة والطفح المائي للصرف الصحي والزحام، وإيقــــاف تجاوزات المقاولين وملاك البيوت، خاصة على الأرصفة والشوارع الداخلية، فقد هرمنا وبعض البلديات ما زالت "تراوح مكانها"..
في الـ18 من فبراير من العام الجاري، انتهت المهلة التي قررتها وزارة البلديات، والخاصة بإلزام أصحاب المباني بإزالة التشوهات البصــرية، وتحــــديدا الموجودة على مبانيهم الحكومية أو التجارية أو السكنية، وبما يمكنهم من إصدار شهادة امتثال المباني، وقد حددتها بـ19 مخالفة من أصل 43 سيتم تطبيقها تباعاً، أبرزها وجود وحدات تكييف أو تمديدات كهربائية أو صحية ظاهرة، وبالأخص في الشوارع التجارية، ومعها مخلفات البناء على رصيف المبنى، والملصقات الإعلانية العشوائية، وعدم تغطية خزانات الصرف الصحي بالأغطية الواقية، أو وضع المداخن على واجهة المبنى، والأولوية في معالجة التشوه البصري شملت في البداية المناطق المركزية ذات الكثافة السكانية العالية، ويصل عددها إلى 1375 منطقة، وقد وجدوا في أميركا أن هناك علاقة وثيقة بين إزالة التشوه البصري وتراجع معدلات الجريمة، ضمن ما يعرف بنظرية (النافذة المكسورة).
البناء الفعلي في المملكة لا يتجاوز 45 ألف كيلو متر مربع، أو ما نسبته 18 %، من مساحة الدولة الإجمالية، وهو أمر طبيعي ومعتاد في كل الدول تقريباً، والإشكالية في الأصل سببها التخطيط الأولى للمدن السعودية في السبعينات الميلادية، وتركيزه على النموذج الأميركي، في بنــاء مدن للسيارات وليس للناس، وانشغاله بالبنية التحتية، وبالربط بين السكن ومكان العمل، على حساب الحدائق والفراغات العامة والأنسنة، والسابق أحدث التشوهات البصـــــرية الموجودة حالياً، كطوابير السيارات المكدسة داخل الأحياء، والحفريات المنتشرة في غالبية الشوارع، وجعل المدن نسخا مكررة من بعضها، بعد أن أفقدها هويتها الثقافية والمكانية.
يضاف لما سبق قيام المستثمرين والمطورين العقاريين، بقيادة تخطيط المدن، وبطريقة أقرب إلى العشوائية، فالمهم عندهم أن تكــــــون الأراضي متــــاحة ومرخصة، ولا تـــوجد عليها مشــاكل أو إيقافات، حتــى يتم رسم مخططات الأحياء، وإبرام صفقات البيع والشراء فيها، ويلحق بهم القطاع التجاري لإقامة مشاريعه في ذات المكان، ويأتي بعده المدارس والقطاع الصحــــي، وبدون معيار محدد، بخلاف أن استخدامات الشوارع نفسها ليست واضحة، ولا يعرف ما إذا كانت سكنية أو تجــارية، وهـذا الأمـــر مكلف جدا، فيمـــــا يتعلق بجــــودة الحياة وإيصال الخدمات.
الخطة التي سينفذها القطاع البلدي وشركاؤه، لإيقاف هذا التمدد غير المدروس، تعرف بـ(حدود النمو الحضري)، أو حدود التنمية في المدينة، التي لا يمكن تجاوزها، وقد بدأت بالفعل في العام الحالي، والمعنى أن التوجه نحو الشمال سيتوقف في حال اكتماله، وسيتم الرجــوع إلى الوسط والغـــــرب والشرق والجنوب، وبما يحول التمدد من أفقي إلى رأسي، ويؤمن تنمية متوازنة لكامل المدينة، وستكون الأحياء الجديدة صديقة للإنسان والبيئة، ومتقاربة في فراغها، وفيها مساحات مجتمعية واسعــة، متروكة لأنشطة أهل الحي، وستضم مسارا أو مسارين للسيارات.
من بين التطورات اللافتة في هذا الجانب، مشروع اسمه (بهجة) لإدارة التدخلات الحضرية، وتوسيع نطـــــاق المساحات الخضــــراء، ويقـــوم على قياس نسبة الشخص من الفـــراغات العــــامة في كل مدينة، ويقسمهـــا على إجمالي السكان فيهــــا، ومن مخـــرجاته في 2023، إنشاء 450 حـديقة، والقيام بـ 540 تدخلا حضريا، والأخير أسهم في أنسنة الشوارع المخصصة للسيارات، عن طريق توسيع الأرصفة وتشجيرها، وتخصيص أماكن للمشاة والدرجات الهوائية، والربط بين الأحياء عــن طريق المشي، وفي نفس العـــام، تم إنجاز سبعة ملايين متر مربع، من المسطحــــات الخضراء والفراغات العامة، و400 كيلو متر للمشاة، و300 كيلو متر للدرجات الهوائية، وللمقارنة فقد أقيمت في المملكة من الستينات الميلادية إلى العام 2022، أو طوال 74 عاماً، ستة آلاف حديقة، وفي الفترة ما بين يناير 2023 وفبراير 2024، أو في 14 شهراً، أنشئت 550 حديقـــــــة، وبما نسبته 9 % من الرقم القديم، والمشروع حريص على ألا يأخذ السير بالأقدام لأقرب حديقة أكثر من عشر دقائق، وهذه الميزة وفرت لـ 600 ألف مواطن خلال 12 شهراً.
الخدمات البلدية سيتم تخصيصها بنسبة 70 %، خلال الستة أعوام القادمة، والتخصيص في هذا العام وصل إلى 24 %، ما يعنى أنها ستدار من قبل شركات القطاع الخاص، وتوجد كاميرات ذكية في سيارات البلدية تعمل بالذكاء الاصطناعي، وبإمكانها رصد تسعة مخالفات تخص التشوهات البصرية، وتعمل بأسلوب التعلم الذاتي، لرصد المخالفات المتبقية، ولديها تقنيات لقياس جودة الطريق، والوزارة تشرف على 17 أمانة و286 بلدية وأكثر من 100 ألف موظف مرسم، وحصلت على ما نسبته 60 %، في المؤشر العالمي لجودة الرصف أو الطرق، وتأمل في الوصول إلى 85 %، ما سيجعلها ضمن أفضل دول العالم، مع ملاحظة أن الأرقام الأوروبية والأميركية لا تزيد عن 72 %، وكل ما نتمناه هو أن تتطور خدماتها بشكل أفضل في الفترة المقبلة، خصوصاً في مجال سفلتة الشوارع والحفريات، بالإضافة لأعمال الصيانة والطفح المائي للصرف الصحي والزحام، وإيقــــاف تجاوزات المقاولين وملاك البيوت، خاصة على الأرصفة والشوارع الداخلية، فقد هرمنا وبعض البلديات ما زالت "تراوح مكانها".




http://www.alriyadh.com/2094482]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]