رغم الأهمية الاستراتيجية والتجارية الهائلة للعلاقات الأميركية الصينية، إلا أن تلك العلاقة لم تحظَ باهتمام يذكر في المناظرات الرئاسية، وعلى سبيل المثال، فقد ركزت مناظرة الثلاثاء الماضي، بين نائبة الرئيس كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترمب، على مدى 105 دقيقة، على القضايا المحلية، من عينة الاقتصاد المتباطئ، والهجرة، والإجهاض، متجاهلةً إلى حد كبير العلاقة المعقدة بين القوتين العظميين، وعلى سبيل المثال، لم يتلق كلا المرشحين أي سؤال حول الصين أو تايوان من مذيعي قناة إيه بي سي نيوز الأميركية، ولا شك أن هذا الإهمال المتعمد يثير القلق بسبب التأثير بعيد المدى للسياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس المقبل إزاء الصين، وتأثيرها على الأمن القومي الأميركي والاقتصاد العالمي.
خلال مناظرة الثلاثاء، حظيت الصين بـ 13 إشارة، وهو نفس العدد الوارد في مناظرة 27 يونيو بين الرئيس جو بايدن وترمب، ومع ذلك، تعتبر هذه الإشارات أدوات لدعم حجج ومبررات أخرى، مثل فعالية التعريفات الجمركية، أو قوة القيادة على المسرح العالمي، ومن اللافت للنظر أنه لم يتم تخصيص وقت كبير لهذه العلاقة المعقدة في مناظرة رئاسية كان من المفترض أن يبرهن فيها كلا المرشحين على استعدادهما لقيادة القوى العظمى الأكبر عالمياً، خاصة وأن انتقاد الصين أصبح أمراً شائعا خلال المناظرات الانتخابية، والواقع، أن حربي أوكرانيا وغزة تحظى باهتمام أكبر في الوقت الحالي من مجرد المنافسة بين واشنطن وبكين، لأن العلاقة بين الاقتصاد الأول ووصيفه، لم تتحول بعد إلى صراع دام.
أثناء المناظرة، أوضح ترمب أنه يعتزم فرض رسوم جمركية باهظة على الدول الأخرى، وتفاخر بأن الرسوم التي فرضها في السابق جلبت مليارات الدولارات من جيوب الصينيين، ومع ذلك، فإن مقترحات ترمب الجمركية، ستكبد الأسرة الأمريكية المتوسطة أكثر من 2600 دولار سنويًا، في المقابل، عندما سئلت هاريس عن موقف إدارة بايدن بشأن الرسوم التي فرضها ترمب في عام 2018، اتهمت المرشحة الديمقراطية ترمب بإشعال حروب تجارية، وزعمت أن سياساته سمحت بإرسال الرقائق الأمريكية إلى الصين، مما أدى إلى تعزيز الجيش الصيني وتحديثه، بالإضافة لذلك، انتقدت هاريس علاقة ترمب الشخصية مع نظيره الصيني شي جين بينج، بسبب تغريدة كتبها على تويتر، شكر فيه شي على طريقة تعامله مع جائحة كورونا.
رغم أن إدارتي ترمب وبايدن اتخذا موقفًا حازمًا تجاه الصين، إلا أن كلا الإدارتين تتهم الأخرى بأنها كانت أكثر ليونة في التصدي لبكين، وهذا أمر غريب للغاية، والأكثر إثارة أن ذكر الصين في الإعلام الديمقراطي تراجع منذ أصبحت هاريس مرشحة الديمقراطيين للرئاسة، وقد يوحي هذا بوجود توافق حزبي على تجنب مناقشة الصين في تلك الفترة، ومع ذلك، فإن الواقع يشير إلى أن هاريس وترمب يؤمنان بضرورة التنافس بين القوى العظمى الليبرالية لاحتواء الصين، حيث يعتقد كلا المرشحين بأن تقليم أظافر بكين سيتحقق من خلال التعريفات الجمركية، وضوابط التصدير، وزيادة الردع العسكري، ونظراً لعدم وجود قضايا ملحة تتعلق ببكين، فقد تقهقرت عن صدارة النقاش في الرأي العام الأميركي، حيث تغلب القضايا الداخلية على اهتمامات الناخبين في تلك الآونة، وبالتالي، حافظت العلاقات الثنائية على مستوى منخفض نسبيًا من الاهتمام والنشاط.




http://www.alriyadh.com/2095222]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]