من أخطر الملفات التي قُتلت بحثاً، وامتلأت بها مراكز الدراسات في معظم دول العالم؛ ملف العلاقة بين الأمن كمنظومة، والفرد ممثلاً للمجتمع، علاقة دائماً يشوبها التوتر والتوجس، علاقة القاسم المشترك فيها عدم الثقة المتبادلة، ليس هذا الأمر في المجتمعات العربية فقط، بل في دول العالم المتقدم جميعها دون استثناء.
وإذا كانت الدراسات المتقدمة تقوم على أن الإعلام الأمني يجب أن يرتكز على مقومات، أهمها، قيامه بدور حيوي لخدمة المجتمع وزيادة جرعة ثقافته الأمنية، حتى يكون المجتمع عنصر دعم لتحقيق الأهداف التي تخدم الأوطان وسلامة مواطنيه، وتحقيق الاستقرار، لذا يجب أن تكون العلاقة بين فرد الأمن والمواطن جيدة، قوامها الاحترام المتبادل والثقة، ومعرفة كل عنصر لدوره.
ما تقدم يعد مقدمة طويلة بعض الشيء، لأن ما يقوم به الإعلام الأمني في المملكة، يؤكد ريادة "منظومة وزارة الداخلية" السعودية، في التعاطي مع كل القضايا التي تهم الشأن الأمني في البلاد باحترافية عالية، من خلال تعزيز التعاون بين الإعلام الأمني ووسائل الإعلام المختلفة، والاستفادة من إمكاناتها وانتشارها؛ لتحقيق أهداف المنظومة الأمنية، وهذا التعاون يبني جسوراً من الثقة بين الطرفين، وتصل تلك الثقة إلى المجتمع، وظهر ذلك جلياً في التعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري.
إننا أمام منظومة إعلامية راقية محترفه بجهود منتسبيها.. تعرف جيداً أهمية التواصل المؤسسي، والتواصل مع المجتمع بشكل مباشر والتفاعل معه، عبر قنوات التواصل في كل الأوقات، ليجد كل إنسان ما يريد أن يعرفه وقتما يطرح تساؤله أو استفساره، من خلال عقول واعية، لا تُظهر مللاً أو ضجراً، بل تتجاوب باحترام زائد، بل وتقدم محتوى إعلامي مرئي تارة، ومكتوب تارات، وتفاعلاً بالصورة، وتوثيق الحدث، أو فتح آفاق المعرفة أمام المواطنين؛ لشرح آلية معينة، أو تقديم معلومة مباشرة عن أي من القضايا الأمنية، أو الخدمات التي تقدمها الوزارة بقطاعاتها الكثيرة في جميع المجالات التي تتصل بحياة الإنسان على أرض المملكة مواطناً مقيماً، زائراً وسائحاً.
إن أكثر ما أدهشني حقيقة، ما يقوم به المعنيون بقضية الإعلام الأمني في الوزارة، من مبادرات شخصية، وجهود لخدمة منظومة الأمن، وتوثيق العلاقة مع المجتمع، بلغة راقية، ومعلومات متكاملة، وحرص شديد على الصدق، فإذا كان الإعلام التقليدي يقوم بمهمة الإخبار بأنواعها والتثقيف والتوعية، والترفيه والترويج، فهؤلاء الأفراد جعلوا الإعلام الأمني مادة خصبة ذات جاذبية خاصة لدى المجتمع يتوق للتواصل معها، وهذا فكر جديد على منظوما الإعلام الأمني في منطقتنا العربية، فلا أبالغ إن قلت إن "الإعلام الأمني" يقدم للمجتمع ما نصت عليه مراكز البحوث الأمنية العالمية، إذا يقوم بدور الإخبار الأمني، والتوعية الأمنية، وقياس وتكوين رأي عام إيجابي تجاه تحقيق الأمن بمفهومه الأوسع الذي يحقق السلم المجتمعي، إضافة إلى نشر الثقافة الأمنية والقانونية، والتعبئة العامة، ومكافحة الإرهاب والانحراف الفكري، وتحقيق فلسفة الأمن الفكري، وترسيخ قيم الوطنية والانتماء والمواطنة الصالحة، ثم التواصل الفاعل مع وسائل الإعلام المختلفة، وبناء علاقة ثقة مع المجتمع وأفراده.
إن تجربة "الإعلام الأمني" في المملكة كانت سباقة في التعامل مع التواصل والإعلام الرقمي، من خلال فتح حسابات في تطبيقات التواصل الاجتماعي جميعها، للوصول إلى شرائح المجتمع بأسرع وسيلة، والجديد لديها استخدام اللغة التي تناسب كل فئة عمرية، أو متعاملة مع قناة من قنوات التواصل الاجتماعي، عبر شخصيات أمنية أصبحت نجوماً في عالم السوشيال ميديا، من خلال المادة الأمنية الجادة والرشيقة في نفس الوقت، فقد نجح هذا الأسلوب في كسر حاجز التواصل التقليدي بين أفراد الأمن والمواطنين، وبعد أن كانت التصريحات والمعلومات تتم من خلال قنوات الاتصال الرسمية، كما نجح بشكل كبير في تعزيز العلاقة رجال الأمن والمواطنين، هذا إلى جانب التواصل عبر منصة "إكس"، ونشر المحتوى الإعلامي التوعوي أو التحذيري، وكذلك أخبار عمليات توقيف للمخالفين، مع نشر نوعيات المخالفات بسرعة فائقة.
هذه المنظومة تستحق الثناء والتقدير لكل القائمين عليها، التي نجحت في توطيد العلاقة بين الأمن كمنظومة والفرد والمجتمع.




http://www.alriyadh.com/2095377]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]