تعتبر الوحدة الوطنية إحدى أهم الأساسات لبناء المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ. وفي هذا قدمت المملكة نموذجا فريدا من الوحدة واللحمة ليس بين أبناء الشعب فقط، بل بيننا وبين قادتنا، وهذه القصة التي يستحيل على العقل الغربي والدولي فهمها، ففي حين يتغنى أصحاب الشعارات بالوحدة نحن نمارسها، فالوحدة الوطنية علامة سعودية، فإن تعزيز الروابط والعلاقات بين فئات المجتمع لم يشكل يوما تحديا ثقافيا بخلاف الدول الأخرى، فالجسد السعودي واحد وذو هوية راسخة تحققت بفضل الله ثم بفضل حكمة قادتنا وحكامنا الذين جعلوا راية التوحيد علمنا، وقيمنا منهجنا، وديننا دستورنا، لذا يحق لنا أن نعتز بالسلام والحياة المتناغمة والانتماء الأبدي والخالد لدولتنا وقادتنا الذين نحبهم ويحبوننا، ونعتز بهم جيلا بعد جيل.
إن دراسات الوحدة الوطنية والهوية تحظى باهتمام دولي، ولعل من أشهر الباحثين في المجال هو الباحث البريطاني أنطوني ديفيد ستيفن سميث وهو عالم اجتماع تاريخي، وكان وقت وفاته أستاذًا فخريًا للقومية والعرقية في كلية لندن للاقتصاد، ويعتبر أحد مؤسسي مجال الدراسات القومية متعدد التخصصات، حصل سميث على شهادته الأولى في الكلاسيكيات والفلسفة من جامعة أكسفورد ودرجة الماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع من كلية لندن للاقتصاد، وكان أول رئيس لجمعية دراسة العرقية والقومية. وقد ناقش فكرة أن الثقافات الراسخة يصعب أن تنساق تحت مفاهيم الهويات القومية والإقليمية، حيث طرح في عام 1992 مجموعة من الأسئلة بورقة بعنوان "الهوية الوطنية وفكرة الوحدة الأوروبية": "منذ بدأ مشروع التكامل الأوروبي، كان السؤال المطروح دوماً هو ما إذا كان من الممكن أن تتطور هوية سياسية أوروبية لدعم الوحدة السياسية، فهل من الممكن أن تتطور هوية أوروبية حقيقية؟ ولماذا نشهد الآن إحياءً للقومية حتى مع تزايد وضوح الاتجاهات العولمة للمجتمع ما بعد الصناعي؟ يكتب سميث أن الثقافات الراسخة تتعارض في جوهرها مع تطور ثقافة عالمية، وهو ما يفرض مشكلات على الهوية الأوروبية، وإذا كان لهذا أن يفعل أكثر من مجرد التعايش الضعيف جنباً إلى جنب مع الهويات الوطنية ودون الوطنية".. أجد أننا في المجتمع السعودي تميزنا بالحفاظ على الهوية الواحدة مع التناغم العالمي بثقة وأصالة.
تعتبر الدول بالفعل كيانًا بيولوجيًا اجتماعيًا متطورًا يتم النجاح في تنظيمه بواسطة قيم راسخة توافر توازن القوة الاجتماعية والاقتصادية، لهذا أمام فشل الكثير من الدول المحيطة في إيجاد تفسيرات لأسباب الصراعات الاقتصادية والثقافية فإننا بفضل الله ثم بفضل وحدة وتكاتف الشعب وقادته نجحنا في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 ومستمرين، وأن الاحتفاء الذي نشاهده في الأيام الوطنية عاما بعد عام يؤكد وجود اكتمال في المعنى العميق للوطن في قلوب الصغار قبل الكبار، وفي تكامل الأدوار بين أبناء الوطن وبناته والسواعد التي تبهرنا بنجاحات وطنية بمستويات دولية مبهرة، حيث انعكست في أربعة أوجه مهمة وهي: الشمولية والتمثيل لكافة فئات المجتمع، التطورات المؤسسية والتركيز على تنفيذ الخطط والرؤى، بناء الثقة من خلال الانفتاح على المواطنين والمجالس المفتوحة والقنوات الرسمية، والأهم عنصر المرونة والتكيف وهو وجه واضح في المملكة من حيث تطوير السياسات والاستجابة للديناميكيات المتغيرة ومواجهة التحديات المختلفة.
إن الهوية الوطنية كما عرفها سميث "سكان بشريون محددون يتشاركون في إقليم تاريخي، وأساطير مشتركة وذكريات تاريخية، وجماهير، وثقافة عامة، واقتصاد مشترك، وحقوق وواجبات قانونية مشتركة لجميع الأعضاء".. وأقول إن هويتنا السعودية سكان تجمعهم الأصالة والعطاء والقيم، ولنا حضارتنا ودماؤنا الخضراء، نعم هذا الوطن قوي بشعبه وعزيز بقادته، كل عام وكل الوطن للوطن بخير..
واختتم بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أدامه الله- "يومنا الوطني المجيد ذكرى عزيزة متجددة في صفحات الوطن الأبي، متجذرة في وجدان الشعب السعودي العظيم. اللهم أدم على بلادنا أمنها ورخاءها واستقرارها، واحفظها من كل سوء".. والحمدلله من قبل ومن بعد دمت يا وطن العزم والحزم.
http://www.alriyadh.com/2096279]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]