يتزايد عدد ونسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق بين السكان على مستوى العالم، ففي عام 2019 بلغ عددهم أكثر مليار شخص، وسيرتفع هذا العدد إلى 1.4 مليار بحلول عام 2030 و2.1 مليار بحلول عام 2050، وفي المملكة العربية السعودية يبلغ عدد المسنين 3.81 ٪ أو 1.36 مليون نسمة.
المملكة سخّرت طاقاتها ومقدراتها لتوفير العيش الكريم لمواطنيها، وخصّت بالرعاية والاهتمام فئة كبار السن، حيث تقدم الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات خدمات لائقة بهم، وما تقوم به وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من جهود جليّة في متابعة سن الأنظمة لمراعاة أوضاعهم، وإلزام القائمين على شؤونهم بالرأفة بهم وعدم إساءة معاملتهم أو إهمالهم أو حرمانهم من الرعاية اللازمة، ولكبار السن الحق في مستوى معيشي كاف لهم ولأسرهم يوفر الرفاهية والعيش الكريم.
واهتمت المملكة بوجود أنظمة تحمي حقوق كبير السن، حيث نصت المادة السابعة والعشرون من النظام الأساسي للحكم على أن: (تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية)، وهذا النص يشير صراحةً إلى عناية الدولة برعاية كبار السن حال بلوغهم سن الشيخوخة، كما نصت المادة الحادية والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على أن: (تعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن)، كما أصدرت نظاماً خاصاً بكبار السن وهو نظام "حقوق كبير السن ورعايته".
صدر النظام وفقاً للمرسوم الملكي رقم (م/47) وتاريخ 1443/6/3هـ والذي جاء ليعزز من حقوق كبار السن، بما يحفظ كرامتهم وخصوصيتهم واستقلاليتهم، ويوفر لهم الرعاية والخدمات، وشكل النظام إطارًا قانونيًا لتمكينهم من التمتع بكامل الحقوق ورعايتهم والاهتمام بهم، بوصفه واجبًا ظلت المملكة تحرص عليه؛ إيمانًا ووفاءً منها لهذه الفئة التي ظلت شريكة على مر السنين الماضية في بناء وخدمة الوطن وتحقيق التنمية المستدامة، وجاءت أنظمة بمنع أي شكل من أشكال الإساءة، وضرورة حماية كبار السن من كافة صور الإساءة، وضرورة التزام القائم بشؤون كبير السن بحقوقه، واتخذت التدابير الفعالة لمنع كافة صور الإســاءة، واعتبرت ممارسة تصرفات إساءة المعاملة أو الإسهام فيها جريمة تعاقب عليها أنظمة المملكة، ويحق للمعنَّف اللجوء إلى الجهة المختصة لمعاقبة المعنِّف.
حقوق كبار السن في المملكة ترتكز على خمسة مبادئ رئيسة، أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991م في وثيقة المبادئ المتعلقة بكبار السن، والتي تشمل مبدأ الاستقلالية؛ والذي يعني بإتاحة فرص لعمل كبار السن أو فرص لتحقيق الدخل، وتشمل الاستقلالية الحق في العيش في بيئات مناسبة وقابلة للتكيف بما يلائم ما يفضلونه، ويلائم قدراتهم المتغيرة، وكذلك الحق في سكن ملائم، وتشمل مبدأ المشاركة؛ ويعني حق كبار السن في أن يظلوا مندمجين في المجتمع، وكذلك تعني المشاركة إعطاءهم الفرصة لخدمة المجتمع عن طريق العمل بوصفهم متطوعين في أعمال تناسب اهتماماتهم وقدراتهم، وتمكينهم من تشكيل الجمعيات الخاصة بهم.
ومن حقوق كبار السن مبدأ الرعاية؛ ويعني الحق في الاستفادة من رعاية الأسرة والمجتمع وحمايتهم، وفقًا للأعراف والقيم الثقافية في كل مجتمع، وتشمل كذلك حصولهم على الرعاية الصحية لمساعدتهم على حفظ المستوى الأمثل من السلامة البدنية والذهنية والعاطفية، ولوقايتهم من المرض، ويتعدى مبدأ الرعاية ذلك إلى إتاحة الفرصة لهم للحصول على الخدمات الاجتماعية والقانونية اللازمة. وكذلك مبدأ تحقيق الذات؛ ويعني حق كبار السن في انتهاز فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم، وكذلك حقهم في الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والترويحية. وأخيراً مبدأ الكرامة؛ ويعني حق كبار السن في العيش في كرامة وأمن، دون خضوع لأي استغلال -جسديًا أو ذهنيًا- أو سوء معاملة، وكذلك حقهم في معاملتهم معاملة منصفة، وأن يكونوا موضع التقدير والاحترام.
تتألق وتتميز المملكة كرائدة في رعاية حقوق كبار السن، حيث تتجلى التزامها الراسخ بقيم الرعاية والاحترام تجاه هذه الشريحة القيمة من المجتمع، بجهود مستمرة ومتواصلة، تعكس التقدير العميق لتضحيات وإسهامات كبار السن، وتعزز مكانتهم كأعمدة حية في بناء المجتمع وتأسيس القيم الأسرية والاجتماعية، وتسعى إلى تحقيق جودة حياة محترمة لكبار السن، فهي تدرك أن عناية كبار السن تعكس نضج المجتمع وتعزز الترابط الأسري والاجتماعي، وباعتبار كبار السن كنزًا ثمينًا يجب حفظه واحترامه، تستمر المملكة في بذل الجهود المضاعفة لضمان حياة كريمة ومستقبل مشرق لهم، إن رعاية حقوق كبار السن ليست مجرد واجب اجتماعي، بل هي عبارة عن استثمار في الحاضر والمستقبل، حيث تشكل هذه الشريحة القيمة ركيزة أساسية في بناء مجتمع ينمو ويزدهر بوحدته وتضامنه.. يقول الرئيس الأميركي الأسبق (جورج بوش): لا يُقاس تقدم أي مجتمع بقدر ما يُعامل فيه كبار السن.




http://www.alriyadh.com/2097209]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]