إنه لا يوجد في الوقت الحالي سوى شكل واحد مضمون من هذه التقنية، لأنه الوحيد المرخص من هيئة الغــــذاء والدواء الأميركية في 2021، وهو عبــارة عن قبعـــة رأس خارجية، تستقبل الإشـــارات من الدماغ، وترسلها لاسلكياً بـ(الواي فاي) إلى الكمبيوتر، وبما يمكنه من التحكم في الأجهزة والشاشات والآلات التي يحتاج الشخص لاستخدامها..
فكرة توصيل المخ بجهاز كهربائي بدأت في عام 1986، ووكالة المشاريع المتطورة للبحوث الدفاعية في أميركا، والتي تعتبر واحـــدة من أذرع البنتاغون، قامت بتخصيص ما يزيد على 65 مليون دولار، لصناعة شيء يمكن زراعته في الدماغ، وكـلاهما يهتــم بقراءة أفكــــار الإنسان لأغـــراض علاجية وربما عسكرية، وتوصلت دراسـة أجرتها جامعة (كوينز) الكندية، ونشرت في مجلة (نيتشر) عام 2019، إلى أن الشخص العادي يتعامل، في المتوسط، مع ستة آلاف ومئتي فكرة، وقد تم الوصول لهذا الرقم باستخدام الرنين المغناطيسي، ومراقبة ما يعرف بـ (الديدان الفكرية)، وتمثل مجموعة من النقاط المتجاورة، التي لا يكون ظهورها في الدماغ إلا عند انتقاله من فكرة لفكرة ثانية، والسابق كان مفيداً في معرفة عـــدد الأفكار وليس محتـواها.
بالإضافة لقـيام مختصي علم الأعصاب، في جامعة (كارنيجي ميلون) الأميركية، بتوظيف الأسلوب نفسه في دراسة أخرى، واستعانوا بأسلوب (التعلم الآلي)، في تحليل الأنماط المعقدة لنشاط الدماغ، وتحديداً عندما يفكر في رقم أو كلمة معينة، أو يقرأ جملة، أو يستقبل نوع جديد من المعلومات، واستطاعوا التنبؤ بأفعال محددة يقـوم بها الشخص، بعد تسجيل طريقة استجابة دماغه في ظروف مماثلة، وتمكن الباحثون في جامعة تكساس الأميركية عام 2023، من نسخ الأفكار وقت حدوثها، بناء علي تدفق الدم في أدمغة ثلاثة أشخاص، ورصدها بأجهزة الرنين المغناطيسي، لقياس سرعة التدفق، والاستماع لما يدور في أدمغتهم من أفكار، ومن ثم تفسيره بواسطة وحدة لفك الترميز، تضم نموذجاً حاسوبياً للتفسير، وتقنية لمعالجة اللغة مشابهة لروبوت الدردشة (شات جي بي تي)، وبما يفيد في إنشاء كلمات محتملة، والتجربة نجحت في إنتاج نصوص كاملة، وبدون جراحة أو شرائح، وقبل ذلك وفي 2004، قامت (بلاك روك نيورو تيك) في ولاية يوتا الأميركية، بزراعة أول آلية تواصل بين الدماغ والكمبيوتر.
التقنية الأخيرة تستهدف بالدرجة الأولى، قراءة الموجات الدماغية، أو الإشارات الكهربائية الموجودة في المخ، ومن ثم تحليلها وتحويلها لمعلومات وأوامر، تساعد ذوي الإعاقة والأعضاء الصناعية من تحريك الأشيـاء بأفكارهم، وبالإمكان استخدامها في معالجة المصابين بـ (متلازمة المحبوس)، وهو مرض يشل كامل الجسم، ويجعل الشخص واعياً بما حوله، ولكنه محبوس في جسده، وتوجد ثلاثة طرق للاتصال بين الدماغ والكمبيوتر، الأولى، إجراء عملية جراحية لزراعة شريحة كهربائية داخله، تقوم بقراءة التيارات الكهربائية وتحولها إلى الكمبيوتر، والثانية، تركيب قبعة على الرأس تشبه المستخدمة في التخطيط الكهربائي للدماغ، وهذه تقرأ الموجات الدماغية من الخارج، وتحيلها إلى الكمبيوتر، الذي يتعرف عليها ويحولها إلى أوامر وتعليمات، والثالثة، الزراعة الخفيفة والسطحية، لشريحة تحت القشرة الرأسية للجمجمــــة، ومن ثم محــــاولة قراءة الموجات والإشارات من ذلك المكان، والثابت عند المختصين أن الغرس الداخلي أفضل، وكلما كانت الزراعة أعمق، كلما زادت الدقة والخطورة معا.
إلا أنه لا يوجد في الوقت الحالي، سوى شكل واحد مضمون من هذه التقنية، لأنه الوحيد المرخص من هيئة الغــــذاء والدواء الأميركية في 2021، وهو عبــارة عن قبعـــة رأس خارجية، تستقبل الإشـــارات من الدماغ، وترسلها لاسلكياً بـ (الواي فاي) إلى الكمبيوتر، وبما يمكنه من التحكم في الأجهزة والشاشات والآلات التي يحتاج الشخص لاستخدامها، ومعها شريحة نيورالينك المعروفة بـ(تيليباثي)، والتي تزرع داخل الدماغ، والمملوكة لشركة الملياردير إيلون ماسك، وقد بدأت تجاربها السريرية على الناس في العام الجاري، وستتواصل لمدة ستة أعوام، علاوة على شريحة عربية تنتظر موافقة الهيئة الأميركية، لأجراء التجارب على الآدميين، واسمها (نانو ـ بلاتينم)، وتعتبر ابتكارا مشتركا بين أكاديمي لبناني من جامعة أوريغون، وطبيب مصري، وهذه الشريحة تتفوق على غيرها، في كونها تغطي مساحة أكبر من المخ، وتعمل على سطح المخ وليس في داخله، ونقاط تسجيلها ضعف مثيلاتها، ونجحت في نتائج دراستها المعملية على الحيوانات، وما سبق تم نشره في مجلة (ساينس) عام 2022.
بالتـــــأكيد المنافع من هذا التقـــــدم العلمي لا يمكن وصفها، أو حتى تخيـل إمكانية حدوثها قبل أعوام قليلة، وبالأخص لـــذوي الإعاقات الذهنية والجسدية، أو من تضــــررت أطرافهـــم نتيجة البتر أو الشلل بفعل الحوادث، ولمصابي الأمراض الصعبــــــة على اختلافهم، ولكن المسألة لا تخلو من مشاكل أخلاقية، أبرزها، قضية التحكم في الدماغ، بمعنى إعطاؤه أوامر وتعليمات، تستدعـــي قيامه ببعض الأمور، فهناك أمراض عصبية، كالصرع والفصام، يكون دور الكمبيوتر فيها التــــدخل لاستباق ما سيحدث، بما في ذلك السيطرة الكاملة في الحالات الأقل حدة، كاضطرابات النوم والأكل، واتخاذ قرارات فيها نيابة عن الشخص، ما يجعله بلا إرادة حرة وكأنه (بوبيت).
هذا بخلاف احتمالات القرصنة واختراق الأدمغة، فالقبعة والشرائح كلها تعمل بـ (الواي فاي)، والدخول إليها ممكن، ومعه التحكم في تصرفات الأشخاص وقراراتهم، أو الحصول على معلومات مهمة موجودة في أدمغتهم، أو إجبارهم على قتل شخص أو تفجير مكان.




http://www.alriyadh.com/2097778]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]