لا شك أن تطوير الأطر التشريعية ووجود المظلة التنظيمية وفرض سياسات موحدة على مكونات القطاع الخاص في شأن حماية المستهلك وحفظ حقوقه ورعاية مصالحه، بما في ذلك وجود آلية عمل مؤسساتية متكاملة وتتواكب مع المتغيرات الناشئة في نوعية الخدمات وطرق التجاوب والحلول السريعة لتلقي وتسوية شكاوى المستهلكين، كفيل بتعزيز الثقة في الأسواق وبجعل بيئتها تتسم بالشفافية والعدالة والأمانة والمصداقية والاستقرار والتنافسية، باعتبارها تلتقي مع المستهدفات الرئيسة لجهود رؤية الوطن الواعدة في عدة محاور، وتصب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة أجمالا.
فمن الواضح أنه منذ أن أعلن عن انطلاق عمل رؤية الوطن المباركة بدأت تتشكل الصورة في جانب لبروز جهود تحقق ظهور منظومة لخدمة ورعاية وحماية حقوق المستهلك، ومن ذلك بداية صدور موافقة مجلس الوزراء الموقر منذ سنة على إنشاء مركز باسم «المركز الوطني للتفتيش والرقابة»، والذي يتوقع له عند مباشرة أعماله أن يسهم في توحيد جهود التفتيش والرقابة على منشآت القطاع الخاص ونوعية آلية أعمالها ومخرجاتها، بما يسهم في زيادة نسبة الامتثال الحقيقي للاشتراطات المتطلبة من الجهات الرقابية، مما بلا شك سيعزز من رفع جودة الخدمات المقدمة للمستهلك؛ كذلك وفي خطوة تشريعية لاحقة ولا تقل أهمية عما سبقها، صدرت الموافقة الملكية الكريمة بالموافقة على «نظام القياس والمعايرة»، كأحد الأدوات الرئيسة لتحسين الجودة والتنافسية بالمنتجات والخدمات المتداولة، وسينعكس على تعزيز الدقة والثقة فيهما سواء في السوق المحلي، أو مع دول العالم ضمن العلاقات التجارية المتبادلة.
لكن وفي اعتقادي المتواضع أن هذه الجهود المتنوعة وغيرها والموزعة هنا وهناك مع أهميتها، ألا أنها تظل غير مباشرة في تبيان أو تحقيق خدمات متكاملة لرعاية وحماية حقوق المستهلك وتوضيح التزامات المزود نتيجة وجود الفراغ التشريعي لما هو أهم، والمتمثل فيما يمكن وصفه مجازا بالعمود الفقري لحماية المستهلك تشريعيا، وبالتالي تبرز الحاجة الماسة استقلالا لسرعة سن أو تعجيل صدور «قانون حماية المستهلك»، والذي يضمن ويكفل للمستهلك عند حصوله على أي سلعة أو تلقيه أي خدمة جملة من الحقوق، منها مثلا: حقه في معرفة المعلومات التفصيلية عما يشتريه أو يستخدمه من سلعة أو خدمة؛ وضمان حقه في جودة ما يحصل عليه من سلعة وخدمة، ووفق سعر عادل ومعلن؛ وحقه فيما يضمن صحته وسلامته وعدم تعرضه للضرر الشخصي والمالي بسبب حصوله على أي سلعة أو خدمة؛ وحقه في الحصول على تعويض مجزٍ عما يلحق به شخصيا أو بأمواله من ضرر نتيجة حصوله أو استعماله لسلعة أو تلقيه لخدمة. وكذلك من الأهمية بمكان التأكيد على أن هذا القانون الخاص بحماية المستهلك يحتاج تنظيميا قبل صدوره إلى استحداث هيئة عامة ومستقلة يمثل في مجلس إدارتها الجهات ذوي العلاقة بالمستهلك، كي تتولى تنفيذ هذا القانون وحوكمة إجراءاته وفرض آلياته، وتعنى بتطوير منظومة عمل مؤسساتية تواكب التغيرات في بيئة الأسواق؛ وأن تعمل هذه الهيئة المقترحة على أن تكون الأسواق بيئة يسودها التنافسية والعدالة والشفافية، وتكون مرجعاً موثوقا للمستهلك، وتضمن وصول صوته من أجل تحقيق حماية فعالة ومستدامة لشؤونه، وإيجاد الحلول الفاعلة والناجزة لحفظ حقوقه.
http://www.alriyadh.com/2097964]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]