من استراتيجيات الدول العظمى وحتى النامية على السواء، أن تصبح منتجاتهم حاصلة على معايير الجودة الوطنية الخاصة بكل دولة، وتسعى بكل قوة أن تضع مواصفات قياسية لكل منتج وطني، بهدف الحصول على معايير الجودة الموضوعة سلفاً، ومن ثم الحصول على ثقة المستهلك الداخلي، لأن الهدف أن يتم التسويق للمنتجات الوطنية، لتكون منافساً للمنتجات المستوردة، وعند الحصول على ثقة المستهلك، سيتم تخفيض فاتورة الاستيراد والعملة الأجنبية، وتكون الخطوة التالية تصدير تلك المنتجات التي حصلت على الثقة المحلية أولاً، وبذلك تصبح جديرة بالحصول على ثقة مستهلكين إقليميين وعالميين، تلك أهداف تسعى لها كل دول العالم، وأهمها أن تصبح علامة الجودة للمنتجات المحلية هدفاً للمستهلك الداخلي، وخياره الأول، والجودة هنا معناها جودة التصنيع، لتكون منافسة لنظير المنتجات العالمية، ثم تكون المنافسة في الأسعار، فليس معنى الجودة أن ترتفع الأسعار، بل القدرة على منافسة النظير الأجنبي في جودته وأسعاره، فهل يحدث ذلك على أرضنا؟
لا ينكر منصف جهود "الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة" لدعم المنتج المحلي، ووضع المعايير والمقاييس التي تجعله منافساً، وذا جودة عالية، ودورها الفاعل في تنفيذ تلك الاشتراطات على أرض الواقع.
كانت الصدمة بالنسبة لي بشكل شخصي، متابعة استطلاع الرأي الذي وضعته الهيئة مؤخرا على منصة "إكس"، حيث طرحت سؤالاً يقول: هل تهتم بشراء المنتجات الحاصلة على علامة الجودة السعودية؟، وأظهرت النتائج أن 64,5 % يهتمون بشراء المنتجات التي تحمل علامة الجودة السعودية!، فيما أبدى 5,5 % عدم اهتمامهم، ورفض 10,8 %، وأبدى 19,2 % احتمالية اهتمامهم بعلامة الجودة السعودية، إلى هنا والأمر جميل ومبشر، ولكن الصدمة كانت أن جملة المشاركين في الاستطلاع 300 فرد فقط، استطلاع بهذا القدر من الأهمية لا يلفت نظر أكثر من 300 فرد! أعتقد أن في الأمر خللاً، وأرى أن برامج التوعية بعلامة الجودة السعودية تحتاج جهداً أكبر، لتعريف المواطنين بأهميتها، كما أنني أتساءل: كيف يتم اللجوء لمنصة إكس لقياس الرأي العام عن أمر بهذا القدر من الأهمية؟ يجب أن تكون لدى الهيئة أدوات أخرى مبتكرة لقياس الرأي العام، كما أني لي ملاحظة عابرة على حساب الهيئة على منصة إكس، رغم أنه حساب نشط، والشكر للقائمين عليه، ولكن المحتوى لا يخاطب جميع المتابعين، بل يخاطب شريحة معينة، كان يجب مخاطبتها مباشراً، حيث يتم وضع مصطلحات متخصصة جداً لا تهم المتابع العادي، فمن أدبيات التعامل مع الرأي العام، أن تكون اللغة مناسبة، والمصطلحات واضحة جلية، وبرامج التوعية مبتكرة وجاذبة.
أعلم أن "الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة"، انتقلت بمعايير الجودة السعودية إلى آفاق تؤهل كل منتج أن يحصل على ثقة المستهلك المحلي، بل يكون منافساً لنظيره الأجنبي، ومن ثم تصبح المنتجات الوطنية مؤهلة للتصدير للأسواق الخارجية، وهناك أمثلة جيدة لمنتجات نجحت في الأسواق العالمية، وكان من الإيجابيات حصول أكثر من 1236 منشأة على علامة الجودة السعودية، كما بلغ عدد المنتجات الحاصلة على علامة الجودة 258166، وهذا شيء يدعو للتفاؤل، لأن الثقة في علامة الجودة السعودية، سيساهم في دعم الاقتصاد الوطني ورفع القدرة التنافسية للمنتجات، وزيادة المنافسة بين الشركات، ما يصب في مصلحة الإنسان على أرض الوطن.




http://www.alriyadh.com/2098300]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]