[align=justify]
[align=center](1)[/align]
[align=left]كُتبت : الجمعة 25/1/1427هـ الرابعة فجراً.[/align]
(كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح ويشهد له بذلك أعداؤه وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد ليس بهذا مسرع لا يحفظ ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراده الكلام بل هديه فيه أكمل الهدي قالت عائشة : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه وكان إذا سلم سلم ثلاثا وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلام فصل لا فضول ولا تقصير وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه وإذا كره الشيء عرف في وجهه ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا وكان جل ضحكه التبسم بل كله التبسم فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه)زاد المعاد ج1/ص182
كانت مها تقرأ ذلك على زميلاتها في الجامعة ¡ وهي منبهرة بسلوك نبي الأمة صلى الله عليه وسلم¡ مها طالبة في كلية الشريعة ¡ مشهود لها بالأدب وحسن التعامل ¡ الجميع تكلمهن بأخوة صادقة .
- بنات والله لو كنّا نتمعّن في السيرة كان تعلمنا دروس ما ننساها بإذن الله .
- والله يا مها إنك صادقة كل ما يكتب ابن القيم كلام تحسين إنه درر ما تملينها .
حتى أحاديثها وزميلاتها نهرٌ عذب لا يُمل ¡ كانت تستزيد بالقراءة عن كل أمر شرعي ولا تكل ¡ كانت دائما ما تكرر أنها تجد لذة في قراءتها لكتب الشريعة بحيث ما تشعر بالوقت الذي يمضي ¡ مها كانت فتاة متميزة بسلوكها بشكل واضح على أرض جامعتها ..
- ودي نجتمع يا بنات كل يوم في هذا المكان نحفظ وجهين من القرآن بحيث ما تمر السنة إلا وإحنا خاتمين القرآن .
- بتملل من بعض زميلاتها : ودراستنا أحس الجمع صعبة شوي !
- مو مشكله لو نصف وجه ¡ القرآن الجميع يتمنى حفظه وهذي فرصتنا لازم نشغل أوقاتنا بحفظ لو شيء بسيط ما ورانا إلا الدراسة يعني ما عندنا أطفال نربيهم هذي فرصتنا.
ثم قرأت ( باب ذكر جمل من فضائل القرآن والترغيب فيه وفضل طالبِه وقارئه ومستعمله والعامل به
اعلم أن هذا الباب واسع كبير ألف فيه العلماء كتبا كثيرة نذكر من ذلك نكتا تدل على فضله وما أعد الله لأهله إذا أخلصوا الطلب لوجهه و عملوا به فأول ذلك أن يستشعر المؤمن من فضل القرآن أنه كلام رب العالمين غير مخلوق كلام من ليس كمثله شيء وصفة من ليس له شبيه ولا ند فهو من نور ذاته جل وعز وأن القراءة أصوات القراء ونغماتهم وهي أكسابهم التي يؤمرون بها في حال إيجابا في بعض العبادات وندبا في كثير من الأوقات ويزجرون عنها إذا اجتنبوا ويثابون عليها ويعاقبون على تركها وهذا مما اجمع عليه المسلمون أهل الحق ونطقت به الآنار ودل عليها المستفيض من الأخبار ولايتعلق الثواب والعقاب إلا بما هو من أكساب العباد على ما يأتي بيانه ولولا أنه سبحانه جعل في قلوب عباده من القوة على حمله ما جعله ليتدبروه وليعتبروا به وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته وأداء حقوقه وفرائضه لضعفت ولاندكت بثقله أو لتضعضعت له وأنى تطيقه وهو يقول تعالى جده وقوله الحق لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فأين قوة القلوب من قوة الجبال ولكن الله تعالى رزق عباده من القوة على حمله ما شاء أن يرزقهم فضلا منه ورحمة) تفسير القرطبي ج1/ص4.
حين انتهت من القراءة قالت إحداهن :
- والله يا مها إنك بارعة في الحماس ¡ وأنا من بكرة أبجي حافظه ..
- وأنا معك في الأسرة سجلوني .
- حنى أنا اكتبي اسمي ..
هكذا زميلات مها كخلية نسمع بها في أرجاء الجامعة ¡ يفتحون قلوبهم لجميع الطالبات ¡ مها بذرة تنمو بسواعد زميلاتها الطالبات ينتظرن من يقول لهن هيا نبدأ ¡ ما كانت تضيع هي وزميلاتها وقتا تافها في الجامعة لإيمانهن أن وقت الجامعة أربع سنوات تمر كلمح البصر ..
من الغد وفي نفس المكان تجمعت الطالبات وترأسهن مها في التسميع الجزء الذي قررن حفظه بأنفسهن والحلقة في كل اجتماع تزيد بفارق طالبه أو طالبتين حتى اضطروا ليقسموها حلقتين ¡ وما كان وقت جلوسهن طويلا هي مجرد ربع ساعة فقط هي وقت الاستراحة ينجزن به عملا عظيما ما لم يكن هناك درس إضافي في الجامعة في هذا الوقت .
الكل يغبطها ويتمنى أن يكون مثلها ¡ ومثل شخصية مها كثير ومتواجد في الجامعة وإن اختلفت التوجهات قليلا ...
- مها وش ناوية تسوين بعد الجامعة والله شايلين هم التخرج .
- الله يلحقنا خير يا بنات بس والله طموحي ادرس دراسات عليا ماجستير دكتوراه أهم شيء أدرس !
- والله أنتظر فارس أحلامي وأنطق بالبيت مع أطفالي .
- مها بضحك : كلنا ننتظر فارس أحلامنا بس كأننا مو فاضين لهم هالوقت .
تضاحكت الزميلات فيما بينهم وكان لجلستهن مع بعضهن طعم لذيذ ¡ ولا يُمل ¡ كم تُغبط مها كثيرا ! .
كان في أحد أيام الدراسة في الجدول محاضرة واحده بساعتين ¡ كانت تفكر ماذا سيفعلن في ثلاث ساعات باقيات قد اعتذرت الأستاذات عن حضورها والجامعة تمنع خرجهن قبل مجيء وقت الخروج الرسمي تشاورت مع بعض زميلاتها في إقامة جلسة أخوية في قاعة دراستها ¡ الأغلب رحّب بها والقليل كان متخوفا من رفض القاعة ¡ قالت مها سأحاول لن نعدم الخير !
وقفت أمام قاعتها بابتسامتها العريضة وهي تتفحص وجوه الطالبات بأدب بالغ واحترام مذهل :
عندي لكم فكرة ! .. سنعمل غدا جلسة أخويه بيننا مادمنا سنجلس ثلاث ساعات بلا محاضرات ما رأيكن ¿!
تهامست الطالبات وبدأت تعلو أصواتهن بين من لم يفهم مالفائدة وبين المؤيد ..
حاولت مها بصعوبة بالغة إسكات الطالبات حتى نجحت !
فإسكات مائة طالبه مجتمعات في قاعة واحدة أمر شاق !!
- يا بنات كل المطلوب اللي عندها فائدة تجيبها واللي عندها مسابقة وحركات تجيب نوسع صدورنا وحتى اللي عندها حلا وقهوة ترى ما عندي مانع شخصيا.
قالتها وهي تمزح وضحكت الطالبات وكل واحده تخبر زميلتها ماذا ستحضر غدا ..
حين حان الغد ..
دخلت الطالبات في انتظار محاضرة تلقينية كالعادة من أستاذ يقرا من كتاب لا تقيّم فيه الطالبات إلاّ قدراته الإلقائية ! الكل متشوق للجلسة الأخوية ¡ انتهى الأستاذ وبسرعة غير مسبوقة تدافعت الطالبات للخروج من قاعتهن فرحات بالوقت الخالي إذ أن جداولهن دائما مليئة بالمحاضرات والضغط المرهق وقامت بعضهن بدفع الكراسي للخلف لعمل حلقة دائرية لجمع الطالبات في الجلسة الأخوية ¡ جلسن بضع دقائق ينظرن بعضهن لا يدرين ماذا يقلن!! كان ذلك مضحكا للغاية ثم أقبلت مها من بعيد ممازحه :
يا بنات جبت المكبر الصوتي عشان نسمع من قلب ..
كانت مها طريفة بتعليقاتها الصادقة .. وبدأت الجلسة بكلمة وفائدة بسيطة وكل طالبه تبدأ بإلقاء مواهبها إما ارتجالية أو من ورقة قد جهزتها ¡ تكلمت إحدى الطالبات عن انتشار رسائل الجوال في التنكيت بأمور شرعية من الخطير الاستهزاء بذلك وتحدثت عن عظم أمر ذلك ¡ وكان الجو جوا أخوياً بين الجدية والطرافة ¡ ومسكت المكبر الصوتي من بعدها طالبة أخرى وتحدثت عن عظمة الله ورحمته وشدة عذابه ¡ وكان كلاما مؤثراً للغاية ¡ وكانت ثمة طالبات يتحدثن بمداخلات بسيطة في كل كلمة تُلقى وإذا بمها تقع عينها على إحداهن وتطلب منها إلقاء كلمة وتتمنع بأنها ليست لديها ما تقول وألحت عليها وبالتالي ألحت من حولها من زميلاتها وتمنعت بشده حتى هداها الله للموافقة وبدأت تتحدث بدرر لم نتخيل أن تقولها وظلت تتحدث بتأثر عظيم وحين انتهت ألقت نظره دائرية للبنات ثم قالت : في الحقيقة لم أعلم أني خطيبة قوية !! إني مذهله .. وكان تعجبها من نفسها واضحاً حتى تعليقها على نفسها كان صادر من انبهار غير متوقع !! كانت فتاة مرحة للغاية ¡ وبدأت الطالبات باستلام المكبر الصوتي حتى انكسر حاجز الخجل و بدأوا بالتفاعل حتى وصل للنشيد !! ¡ قامت إحداهن مازحة تعلق على أنشودة ملت من سماعها ومن تكرارها وقامت بإنشادها بنفسها..
أمي ربة بيتي ** أمي ما أحلاها !!..
ضحكت المجموعة من جرأتها حتى صارت الجلسة غير متوقعة بتلك الطرافة أبدا!!
وحين قرب انتهاء الوقت وصل المكبر الصوتي لطالبه هادئة وكلامها هادئا جدا وبدأت تتحدث عن الموت وعن أصدقاء السوء وتقرنها بالآيات وكان لكلامها وقع وتأثير على الزميلات ¡ بالفعل الكل كان سعيد بتلك الجلسة ..
كانت مها تتفحص وجوه الحاضرات حتى رأت طالبات القاعات المجاورة قد شاركوا الجلوس !! و إحداهن قالت أنا من كلية الحاسب الآلي !!
لم تتوقع أن رجع الصدى كان مذهلا للغاية ¡ كان السبب فكرة مها وحماسها المطلق والكل يشكرها على ذلك ¡ كانت خاتمة اليوم قد جمعت قلوب قاعتها على حب الطاعة والتذكير ¡ والتلذذ بذلك .
وعاد الروتين الأيام من جديد بعد هذا اليوم الغير مسبوق إذ كما هو معروف أن الجداول مضغوطة باستمرار¡ وفي احد الأيام تم الإعلان عن محاضرة رائعة تحمست مها لحضورها كان عنوانها (الرخص الشرعية) وهو موضوع مرن وجميل وموعدها يوم الثلاثاء فمثل هذه المحاضرات غنيمة لا تفوت وعدد الحضور إليها كبير وضخم ..
[/align]