< وماذا حدث بعد ذلك ¿
ـ لا أخفيكم أنني أخذت أفكر بهذا الأمر وأصبحت لا أنام الليل بسبب التفكير به¡ وبأن عبدالله سوف يكون زوجاً لي لدرجة أنني حلمت في إحدى الليالي بأنني وهو أصبحنا زوجين وقد شعرت أن هذا الحلم يحملني للتفكير أكثر بالموضوع¡ ولكن السبب الأهم الذي جعلني أفكر بالزواج منه هو خشيتي انه إذا تزوج من امرأة أخرى سوف يغادر المنزل وهذا الأمر هو الذي كان يقلقني جداً¡ فأنا لم أكن أطيق فراقه¡ فقد كنت أحبه أكثر من أبنائي¡ وبعد طول تفكير استقر رأيي على أن أعرض عليه فكرة الزواج¡ فاتصلت على هاتفه الجوال وطلبت منه أن يدخل إلى داخل المنزل¡ حيث انه كان في تلك الفترة ما زال يقضي أوقاته في غرفة خارجية بحكم الشرط الذي وضعه عمه لنا في السابق¡ وعندما دخل طلبت منه الجلوس وأثرت معه موضوع بحثه عن فتاة يتزوجها. فقال لي بطريقة مازحة: قد ضجرت من رفض العوائل لي¡ وأنا أود الزواج بك¡ وعندما قال هذه العبارة استجمعت قواي وقلت له : إذا كنت جاداً فأنا موافقة. فأخذ يضحك ولكنني أوقفته وأعدت عليه العبارة مرة أخرى وقلت له: إنني جادة في حديثي معك وإنني أريدك زوجاً لي.
وبماذا أجابك¿
بداية توقف عن الضحك وأخذ ينظر إلي وهو مندهش ولكنني لم أمهله كثيراً فقلت له: إذا كنت تحبني فكل ما عليك هو أن تحضر مأذوناً لنتزوج¡ عند ذلك قال لي: أنا أحبك يا خالة لكنني أخشى أن يرفض عمي وأبناؤك هذا الأمر ثم إنك مثل والدتي. فقلت له: إنني لست مثل والدتك ومع أنني ربيتك إلا أنني امرأة غريبة عنك ويحق لنا أن نتزوج¡ كما أنني أخشى أن تبتعد عني إذا تزوجت.
إضافة إلى ذلك ومن اجل أن أجعله يقتنع بالأمر فقد كذبت عليه وقلت له إن احد أصدقاء شقيقي قد تقدم لخطبتي من شقيقي ولكنه اشترط علي أن أخرجك من المنزل¡ وبعد أن سمع عبد الله هذا الحديث وافق على الزواج بي ولكنه طلب مني أن أحل مشكلة عمه وأبنائي خشيته أن يرفضوا زواجنا.
الزوج: أنا سعيد معها
وأتمنى أن نرزق بأطفال!!
عاصفة من الاعتراضات!
وهل اعترض عم عبدالله وأبناؤك على زواجكما ¿
لم يكن المعترضون فقط عمه وأبنائي¡ بل إن غالبية أقاربنا اعترضوا على هذا الزواج وتكفل بعضهم بإيصال الأمر إلى أبنائي قبل أن أخبرهم ولكنني مع ذلك أصررت مع عبدالله على الزواج وقد كانت حجج من يرفض زواجنا تتلخص في أنني أكبر منه في العمر¡ انه مثل ابني وقد كان ردي عليهم هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من السيدة خديجة وهي اكبر منه سناً¡ أما من ناحية كونه مثل ابني فقد قلت لهم انه ليس ابني وانه لو كان ابني فلماذا طلبوا منه أن يعيش في غرفة خارجية من المنزل¿ واستمررت على قراري حتى نجحت بإقناع أبنائي ثم أقنعت شقيقي وبعد ذلك أقنعت عم عبد الله واستخدمت معه نفس الطريقة التي استخدمتها سابقاً عندما أردت أن يعود عبد الله إلى منزلي وهي طريقة الإغراء غير المباشر بالمال¡ وبحمد الله فان كل هذه الجهود لإقناع من هم حولنا لم تستغرق سوى أسابيع بسيطة وأقمنا بعد ذلك الزواج وكان بسيطاً جداً واقتصر الحضور على شقيقي وعم عبد الله والمأذون وشاهدين فقط.
وكم مضى على زواجكما الآن¿ وكيف هي علاقتكما بعد أن أصبحتما زوجين¿
الآن أمضينا تسعة أشهر على الزواج وأنا سعيدة بهذا الزواج فقد ضمنت بقاء عبد الله معي وأعتقد أنه هو أيضاً سعيد.
وهل تخططان لتتويج هذا الزواج بأبناء ¿
أتمنى ذلك وأرجو من الله أن يرزقني بأبناء من ابني وزوجي عبدالله وإن كنت أستبعد ذلك لكوني قد بلغت الخمسين من عمري وفي هذه السن يصعب على المرأة أن تحمل.
أحببته عندما كان صغيراً
وأحببته أكثر عندما صار زوجاً لي!!
عبدالله صامت
الزوج عبدالله كان حاضراً طول مدة الحديث مع زوجته منى ولكنه كان صامتاً ولم يتحدث أبداً واكتفى فقط ببعض الابتسامات من فترة إلى أخرى والمرة الوحيدة التي تحدث بها كانت عندما قال بانه سعيد بزواجه من منى وانه يشعر بأن رفض العوائل التي تقدم لها للزواج من بناتهم كانت بمثابة المنبه له بأن ما هو مكتوب له هو الزواج من منى.
وعندما سألناه عن إمكانية زواجه بزوجة ثانية على زوجته¡ خاصة أنها أكبر منه في العمر¡ ضحك وقال انه ليس بغبي حتى يتزوج على منى التي يحبها ثم قال إن منى مع أنها بلغت الخمسين من عمرها إلا أنها مع ذلك ما زالت جميلة وبكامل صحتها وبالتالي فانه ليس هناك أي مبرر في زواجه عليها من امرأة أخرى¡ كما قال انه يتمنى أن يرزق هو ومنى بعدة أطفال وليس طفلاً واحداً فقط.
رأي علم النفس
الاختصاصي النفسي في وزارة التربية والتعليم تركي السعد يقول عن هذه الحالة بعد الاطلاع عليها: إن هذه الحالة غريبة جداً ويندر وقوعها في العالم كله وليس فقط في السعودية¡ لكننا عندما نبحث في الدوافع والمحفزات النفسية لتصرف هذين الزوجين نجد أنها من ناحية الزوجة تتلخص بأن لديها رغبة بالتملك بشكل قوي جداً ولهذا فإنها ترفض رفضاً قاطعاً خروج هذا الطفل الذي تحول في سنوات معدودة إلى شاب وترفض أيضاً أن ينتهي من حياتها وهذا بالمناسبة هو شعور كل الأمهات مع أبنائهن¡ خاصة الذكور¡ ولكن في هذه الحادثة فإنه وبحكم الضغوط النفسية الشديدة التي تعرضت لها هذه السيدة سواء من قبل أقاربها الذين يطالبونها بإخراجه من منزلها أو حتى من الألم النفسي الرهيب الذي تولد لديها¡ قد جعلتها تقدم على هذا التصرف دون خشية من أحد¡ وبالمناسبة فإن هذا التصرف الذي أقدمت عليه هذه السيدة هو ناتج عن ضغوط نفسية قريبة من الضغوط النفسية التي يتعرض لها من يقدمون على الانتحار¡ وأنا لا أقصد من هذا أن تصرفها هو مثل الانتحار¡ بل إن ما ارمي إليه هو فقط محاولة توضيح مدى اليأس الذي وصلت إليه وجعلها تقدم على الزواج من هذا الشاب.
أما من ناحية الشاب فإنه يظهر لي أنه ما زال يشعر بطفولته ويود أن يعيش في كنف المرأة التي تولته بالرعاية والحنان وأعتقد أن تلك العبارات التي كان يطلقها ويصرح بها برغبته بالزواج من منى لم تكن تخرج بشكل عبثي حتى وإن كان يخرجها بشكل يعتقد من يسمعها بأنها مزاح¡ بل إن تفسيري لها هو انه عندما كان يرفض من قبل الفتيات التي يتقدم لهن كان يزداد الخوف لديه من النساء الأخريات ويحاول أن يستميل قلب منى عبر إطلاق هذه العبارات وذلك لكي يشعرها بأنها بمثابة الملجأ الآمن الوحيد له.
الرأي الشرعي
يقول الشيخ محمد الحسياني إمام وخطيب جامع طارق بن زياد بعد إطلاعه على حالة منى وزوجها عبدالله: إن الطريقة التي حصل بها زواج هذين الزوجين غريبة ومرت عبر قنوات متشعبة¡ فهذه المرأة كانت قد تولت عبدالله بالرعاية والتربية الاهتمام عندما كان طفلاً ومن ثم قامت بالزواج به ومع أن الدين الإسلامي بنصوصه القرآنية وأحاديثه النبوية لا يمنعهما منعاً صريحاً من الزواج إلا أن ظروف الزواج هي التي تجعل من مسألة تقبل فكرة الزواج بينهما غير مقبولة أو على الأصح غير مستحبة¡ فهذا الفتى اعتاد طيلة عمره أن يعتبر هذه المرأة كأنها أمه وتعامل معها وفق هذا المنظور فكيف سوف يتعامل معها على أنها زوجته¿
والجانب المخيف في هذا الجانب هو أن يستسهل البعض هذه المسألة ويلجأ الرجل إلى تربية فتاة يتيمة وعندما تكبر يتزوجها أو تقوم امرأة أخرى بتربية فتى يتيم ومن ثم تتزوجه مثلما حدث مع هذه المرأة وتصبح الغاية من التبني ليس طلب الأجر والثواب¡ بل من اجل تربية زوجة أو زوج للمستقبل.
وأنا أنصح هذين الزوجين بضرورة إيجاد حل للمسألة التي وقعا بها وأن يستغفرا الله عما فعلاه كما أحذر المجتمع من الوقوع بمثل ما وقع به هذان الزوجان.
ان شاء الله اعجبتكم